عقدت لجنة المالية والميزانية بعد ظهر يوم الثلاثاء 14 ماي 2024 جلسة استمعت خلالها إلى الوزيرة المكلفة بتسيير وزارة النقل حول مشروع قانون يتعلّق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 22 فيفري 2024 بين الجمهورية التونسية والصندوق السعودي للتنمية للمساهمة في تمويل مشروع تجديد وتطوير السكك الحديدية لنقل الفسفاط.
وأكّدت الوزيرة في بداية الجلسة أهمية النقل الحديدي ودوره الفعّال في دفع الديناميكية الاقتصادية، مشيرة إلى أن النّقل الحديدي للفسفاط يمرّ بصعوبات هيكلية تفاقمت في السّنوات الأخيــرة مما أدّى إلى عدم قدرة القطاع على القيام بدوره على الوجه الأكمل. وبيّنت أن المسألة تستوجب وضع خطة لاستعادة نسق النشاط تدريجيا عبر تطوير آلة الإنتاج ومعالجة الأوضاع الرّاهنة بصفة جذرية وإحداث نقلة نوعية على مستوى خدمات النّقل الحديدي، من خلال التوجّه نحو تعصير شبكة النقل لتدعيم قطاع الفسفاط واسترجاع قدرته التنافسية العالمية. واكّدت التأثيرات الإيجابية لهذا التمشّي على الميزان التجاري و على التوازنات المالية للشركة الوطنية للسّكك الحديدية.
كما أفادت أن نقل الفسفاط عن طريق السكك الحديدية يمثّل 40% من مداخيل الشركة من خلال نقل ما لا يقل عن 8 ملايين طن في السنة خلال الفترة السابقة لسنة 2011 ، لينخفض هذا النشاط بسبب تدني نسق الإنتاج واهتراء البنية التحتية والمعدات. و بيّنت أنه يبلغ حاليا حوالي 1,6 مليون طن سنويا وهو ما يمثل قرابة 50% من إنتاج الفسفاط ، يتمّ نقله من مناجم الرَديَفَ والمتلوَي وأم العرائس والمظيلة وصهيب وكاف الدور ، إلى معامل التحويل للمجمَع الكيميائي والشركة التونسية الهندية للأسمدة ومواني التصدير.
وبيّنت أن النّشاط المتعلق بكمّيات الفسفاط المنقولة في الفترة الممتدّة بين سنوات2011 و2023 تراجع من 2,5 مليون طن إلى 1,6مليون طن سنويا، وأن الكميات المنقولة من الفسفاط التجاري خلال فترة الخمسة أشهر الأولى من السنة الحالية بلغت 565 ألف طن مقابل 622 ألف طن خلال نفس الفترة من سنة 2023 أي بانخفاض قدر بـ %9.
ثم استعرضت أسباب تراجع نشاط النّقـل الحديدي للفسفاط منذ سنة 2011 والتي تتمثل خاصة في تقادم أسطول العربات المخصصة لنقل الفسفاط وضعف نسبة جاهزية هذه العربات وتواتر الاعتصامات بالسّكة وبمناجم شركة فسفاط قفصة وبمصانع المجمع الكيميائي التونسي وبمراكز الشّحن، وقطع الخط رقم (13) والخط رقم 21 خلال فترات طويلة، إضافة إلى النقص في قطع غيار العربات والقاطرات القديمة وتدنّي نسبة جاهزية القاطرات الجديدة وانقطاع الخطّين رقم (15) ورقم (16).
وأضافت أن من بين الأسباب كذلك عدم استعادة معمل تيفارت لنسق التفريغ العادي، وعدم توفّر معدات الشحن بمنجم صهيب في أغلب الأحيان، وتعطّل مشروع بناء الورشات لصيانة المعدات بجهة قفصة نتيجة الاعتصامات المتكررة ، وعدم إيفاء المقاول بتعهداته قصد إتمام الصفقة، علاوة على عدم توفر قطاع الغيار لبعض عربات نقل الفسفاط، فضلا عن صعوبات تتعلّق بالاستغلال بمحطة المتلوي ، وسير حركة القطارات بها أثناء عمليات الشحن بالمنجم.
واستعرضت الإجراءات الضرورية لاستعادة النّسق الطبيعي لنشاط النّقل الحديديّ للفسفاط على غرار الإسراع في اقتناء قطع الغيار ، واستئناف النّسق العادي لتفريغ الفسفاط بمعمل تيفارت، وتسوية ملف القاطرات الجديدة مع المزود الأمريكي وتكثيف التنسيق مع شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي لتطوير وتحسين نسق التعبئة والتفريغ وانجاز الاستثمارات المتعلّقة بتجديد شبكة الجنوب لنقل الفسفاط.
وأفادت أن تحقيق معدل نقل كمية 4.5 مليون طن خلال السنوات القادمة والمحافظة على استمرارية نشاط نقل الفسفاط يتطلب اقتناء 400 عربة جديدة في أفق 2027. وبيّنت أن الشركة بصدد إعداد كراسات الشروط الخاصة بطلب العروض، بالإضافة إلى مواصلة صيانة الأسطول الحالي من عربات وقاطرات. كما قدّمت معطيات حول مشروع تجديد وتطوير السّكك الحديديـــة لنقل الفسفاط في جزئيه الأول والثاني من خلال توضيح مراحل إنجاز المشروع وخارطته وأهدافه وكلفته وخطة تمويله.
وخلال النقاش، أثار النواب عديد المسائل تعلقت خاصة بكيفية نقل الفسفاط التحت أرضي وبطرق تحمي البيئة وباعتماد الطاقة الشمسية، ووضعية القاطرات، والنقص في قطع الغيار لعديد العربات، والعمل على حوكمة إسناد الصفقات المتعلقة بالسكك الحديدية من خلال الإعداد الجيّد لكراسات الشروط، ومراجعة الأمر المتعلق بالصفقات العمومية قصد اختيار المزود الأمثل.
ودعا المتدخّلون إلى ضرورة تظافر الجهود لحل كلّ الإشكاليات العالقة لا سيما منها الاجتماعية والصحية قصد استعادة الفسفاط لنسق نشاطه قبل سنة 2011. كما أكّدوا أهمية ضبط استراتيجية واضحة وطويلة الأمد بخصوص نقل الفسفاط عبر السكك الحديدية. وطلبوا مدّهم بمعطيات حول مخزون الفسفاط بقفصة. وأكّد عدد من النواب ضرورة تدعيم النقل الحديدي في عدة جهات داخلية.
وفي ردّها، أوضحت الوزيرة أن ملف الفسفاط يحظى بمتابعة متواصلة من قبل رئاسة الجمهورية ومجلس الأمن القومي ومجلس الوزراء، مؤكّدة ضرورة العمل وفق توازن مدروس بين تحسين الوضعية الحالية ومراعاة الإمكانيات المالية للدولة، مع التنسيق المتواصل بين جميع الأطراف المتدخّلة في القطاع. وأوضحت أن هناك متابعة حينية لنشاط نقل الفسفاط، مع تحميل المسؤولية لكل الأطراف كل في اختصاصه، مؤكّدة تعزيز الحوكمة في القطاع.
وبخصوص تعديل القوانين المتعلقة بمجال الموانئ البحرية واقتناء قطع الغيار، بيّنت أنه يتم العمل على إعدادها بصفة تشاركية وإحالتها في أقرب الآجال.
وقدّمت معطيات حول الخط الحديدي في عديد الجهات، والتنسيق مع المجتمع المدني لتفادي الاعتراضات والتعطيلات قبل إنجاز المشاريع، وتوفر التمويلات اللازمة من قبل المانحين. كما استعرضت عددا من المشاريع المتعلقة بتهيئة واستعمال القاطرات القديمة واقتناء العربات الجديدة وتأهيل البنية التحتية وتجديد وتقوية السكة الحديدية وكذلك أسطول النقل الحديدي.
وفي خاتمة الجلسة وافقت اللجنة على مشروع هذا القانون.