طالب مشاركون في الملتقى الإقليمي لدفع الاستثمار بالشمال الغربي بإنهاء التعقيدات الإدارية وتوفير ضمانات الاستثمار الناجع.
وأثار المشاركون في الملتقى، الملتئم، الثلاثاء، بمدينة طبرقة جملة المصاعب والعراقيل، التي حالت دون انطلاق عدد من المشاريع وإعادة تشغيل المئات منها والمتوقفة لأسباب إدارية أو قضائية وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية على الجهات المنتصبة بها وعلى الاقتصاد التونسي وحاجته إلى انفتاح يضمن خلق الثروة.
واعتبر عدد من المشاركين من رجال أعمال ونشطاء بالمنظمات الوطنية وعدد من الجمعيات وباعثي الشركات الأهلية أنّ الإجراءات الإدارية المطوّلة والمتداخلة والمعقّدة وما يحيط بمواقف عدد من الادارات من غموض وتناقض ساهم في تعزيز مخاوف عدد من المستثمرين وأفسد شراكاتهم مع بعض الممولين.
وأظهر عرض قدم، بالمناسبة، أنّه يوجد من بين هذه المشاريع مشروع جنان مجردة بولاية باجة (يجمع بين فلاحة عصرية وسياحة وطاقات متجددة ومركز تجاري وجامعة تعليم عالي…) الممول من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي الاجتماعي والمعطل منذ سنة 2013 لأسباب إدارية وفق ما اكده صاحب المشروع، بلقاسم المازني، لوكالة تونس افريقيا للانباء.
كما يتواصل تعطل مشروع المدينة الجديدة بولاية الكاف (يجمع بين السياحة والصحة والثقافة والرياضة…) منذ سنة 2014 بسبب عدم تغيير صبغة الأرض وعدم ايفاء الدولة بالتزامها ودخولها كشريك في المشروع وفق ما أكده رئيس الجمعية التونسية للبيئة والثقافة صاحب فكرة المشروع، عدنان تبسّي. إلى جانب توقف أشغال مشروع المدينة الصحيّة بجندوبة منذ سنة 2018.
وشهد مشروع مدينة الألعاب بطبرقة، بحسب العرض ذاته، صعوبات بعد افتتاحه في النصف الثاني من شهر أوت 2023، وبعد انتظار فاق الخمس سنوات، وفق ما أكده صاحب المشروع فؤاد السلايمي. كما لا يزال مصنع اللوح المقوى بذات المدينة متوقفا عن الإنتاج بسبب نزاعات قضائية الخصم فيها الإدارة وتعطيلات إدارية ومشروع المضخة العائمة بسدّ البربر، التي من المفترض أن تضمن ضخ مياه سد بربرة إلى سدّ بوهرتمة.
ولا زال مشروع منتجع فج الاطلال بعين دراهم، الذّي رصدت له الدولة اعتمادات فاقت 17 مليون دينار بعد ان كانت في حدود 9 ملايين دينار سنة 2017 سنة الإعلان عن انطلاق المشروع معطلا. ويعد المشروع هو ذاته، الذي أقرّه مجلس وزاري منذ سنة 1999 باعتمادات لم تتجاوز آنذاك 1,2 مليون دينار.
إلى جانب ذلك لا زالت المناطق الصناعية بولاية سليانة والولايات المجاورة معطلة وحال ذلك دون انطلاق عدد من المشاريع.
وطالب مجموعة من المتدخلين من أصحاب المشاريع المختلفة وزير الاقتصاد سمير سعيد بضرورة تدخل اجهزة الدولة لتجاوز العراقيل التي وصفها بعضهم ب »التافهة » لافتين الى ضرورة استخدام الرقمنة وتوحيد الإجراءات كبديل حقيقي يضمن شدّ المستثمرين الى بلادهم ومواصلة تنفيذ مخططاتهم وتحويل أفكارهم الى ثروة ومحامل تنمية حقيقية قادرة على تعزيز قدرات الاقتصاد التونسي على مواجهة المتغيرات المحلية والدولية ومناعة سيادته.
في المقابل اعتبر وزير الاقتصاد والتخطيط، سمير سعيّد، في مداخلته ان الملتقى يهدف إلى إبراز الميزات التنافسية للجهات وفقا لتصوّرات تنبع من الجهة نفسها والمنظومات المميزة لها وكيفية استغلالها وحسن توظيفها في إطار سلاسل القيمة والشبكات العنقودية فضلا على انه فرصة لتشريك الجهات في الاعداد للمؤتمر الدولي المزمع تنظيمه خلال شهر ديسمبر 2023 على ان يقع العمل على تسريع نسق تنفيذ الإصلاحات ودفع الاستثمار وما يوفره من تمكين اقتصادي للفئات الهشة وتثمين المبادرة الخاصة.
وأشار في السياق ذاته إلى ما تزخر به ولايات الإقليم من مقوّمات وإمكانات بشريّة وطبيعية وثقافية ومواد إنشائية وهي مقوّمات قابلة للتوظيف والاستغلال وخلق الثروة وما تستوجبه من مجهودات وتشريعات جديدة ومعالجة لوضع البنية التحتية وحلحلة الأوضاع العقارية.
وأفاد سعيّد في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء ان التجربة الدولية أثبتت أن لا سبيل للخروج من الأزمات وتكديس الثروة بدون تجسيد فعلي لشراكة واسعة بين القطاعين العام والخاص وأنّ القطاع الخاص في تونس أثبت أنّه قاطرة التنمية.
واعتبارا لذلك تسعى وزارة الاقتصاد والتخطيط الى استكمال عمليّات التشخيص، التّي انطلقت في إطار الندوات والملتقيات ومعالجة التعقيدات وتصميم الحلول الملائمة المستندة الى دراسات عميقة وهادفة في إطار العمل التشاركي وتحرير الإدارة من جملة من التعقيدات والقوانين التي حالت دون قدرة المسؤولين على اتخاذ القرارات في ابانها.
واعتبر في الوقت ذاته أنّ مراجعة الفصل 96 وتعديله بات ضرورة قصوى لدفع نسق الاستثمار وتوفير ضمانات العمل.