يعمل بنك قطر الوطني بتونس، منذ عدة سنوات، على احترام نسب الملاءة للإيفاء بالتزاماته المالية ومقاييس التغطية التي ينص عليها منشور البنك المركزي التونسي وكذلك الاستجابة لاحكام الفصل 388 لمجلة الشركات التجارية من خلال الترفيع في راسماله .
وقد كشف التقرير العام لمراقبي الحسابات حول القائمات المالية للبنك في 31 ديسمبر 2021، الذي صدر مؤخرا، ان البنك اصبح مخالفا لأحكام الفصل 388 لمجلة الشركات التجارية بما أن أمواله الذاتية أصبحت دون نصف رأس ماله، وذلك باعتبار الخسائر المرحلة وخسارة السنة.
ووفقا للفصل المذكور، يجب على مجلس الإدارة خلال الأربعة أشھر الموالية لتاريخ المصادقة على الحسابات أن يدعو الجلسة العامة الخارقة للعادة لتنظر في ھذا الشأن.
وقررت الجلسة العامة غير العادية المنعقدة في 15 فيفري 2022 في ھذا الإطار، الترفيع في رأس المال بمبلغ قدره 240 مليون دينار تونسي. وعلى هذا الأساس، وبعد سنة تقريبا، وجه البنك لمساهميه دعوة لحضور جلسة عامة غير عادية انعقدت يوم الأربعاء 22 فيفري 2023 بالمقر الاجتماعي للبنك وذلك قصد التداول في الترفيع في راس مال البنك.
وتمت المصادقة على الزيادة فيه بقيمة 250 مليون دينار ليقرر البنك الترفيع في رأسماله ب250 مليون دينار ليصل الى 644 مليون دينار
وأوضح التقرير، انه رغم هذا القرار، تبقى وضعية البنك وفق قائماته المالية حرجة لثلاثة أسباب رئيسية ابرزها ارتفاع مستوى القروض المتفحمة الى 7ر640 مليون دينار وهو ما يمثل 51 بالمائة من اجمالي القروض، وضعف الناتج البنكي الصافي الذي لا يتجاوز 9ر25 مليون دينار مقابل ارتفاع الأجور الى 4ر36 مليون دينار علاوة على ضعف حصة البنك في السوق من ودائع الحرفاء اذ لا تتجاوز 2ر1 بالمائة، وفق القائمات المالية للبنك لسنة 2021 استنادا الى معطيات تقرير البنك المركزي حول نشاط البنوك في تونس لنفس السنة.
وتبرز في ذات السياق القائمات المالية تدهور جل مؤشرات الاستغلال لا سيما في ما يتعلق بالمؤشر الذي يقيم مستوى الأعباء العملية مقارنة بالناتج البنكي الصافي والذي يصل الى 219 بالمائة مما يعني ان النشاط الرئيسي للبنك القائم على تعبئة الودائع ومنح القروض، لا يكفي لتغطية مصاريفه الدنيا المتعلقة بالأجور وتكاليف الاستغلال العامة.
وتبرز اخر القائمات المالية ضعف مساهمة البنك في الاقتصاد الوطني اذ لا تتجاوز قروض الحرفاء في 31 ديسمبر 2021، حوالي 9ر835 مليون دينار في حين لا تتعدى قيمة محفظة السندات التجارية 7ر4 مليون دينار بما يجعل من استعمالات البنك الموجهة لمساعدة الاقتصاد في اضعف مستوى على صعيد القطاع البنكي المقيم وغير المقيم برمته، وفق القائمات المالية.
وتظهر القائمات المالية ان ودائع واموال الحرفاء مع موفى 2021، ناهزت 6ر1096 مليون دينار بينما تصل قيمة الاقتراضات والموارد الخصوصية الى 9ر236 مليون دينار، ولا تتجاوز اجمالا سيولة البنك 9ر366 مليون دينار بما يعكس ضعف أنشطة الاستغلال وتراجع التدفقات النقدية المتأتية من الاستثمار والتي كان رصيدها في اخر ديسمبر 2021 سلبيا بقيمة -8ر72 مليون دينار. ولم تتعد في ذات السياق، تدفقات أنشطة التمويل 2ر30 مليون دينار.
وتشكل عموما المصاريف العامة للاستغلال والأجور والامتيازات لاسيما تلك الممنوحة للمسيرين وأعضاء مجلس الإدارة عبئا على توازناته المالية في ظل مردود سلبي للنشاط باعتبار تراكم الخسائر حسب قائمة الموازنة لسنة 2021 الى 2ر105 مليون دينار.
ويشير التقرير الخاص لمراقبي الحسابات الى ان الأجر السنوي الخام للمدير العام للبنك يصل الى 770ر1 مليون دينار، أي ما يعادل 148 الف دينار شهريا، وهو أعلى مرتب في كافة قطاعات النشاط الاقتصادي في البلاد العمومية والخاصة، وذلك بالرجوع الى البيانات المفصح عنها في هذا الخصوص بموقع هيئة السوق المالية.
يذكر ان بنك قطر الوطني بتونس كان يحمل اسم البنك التونسي القطري للاستثمار سابقا، هو بنك شمولي أحدث بمقتضى اتفاق بين دولة قطر والجمهورية التونسية وتم توقيعه في 3 مارس 1982، وتبعا لقرار من السلط النقدية تحول البنك من بنك استثمار الى بنك شمولي يقدم كافة أصناف الخدمات لحرفائه وذلك بعد موافقة الدولتين المساهمتين.
ومنذ غرة افريل 2013 أصبحت تسمية البنك، بنك قطر الوطني بتونس وذلك بعد اقتناء مجموعة البنك الوطني القطري لمعظم أسهم الدولة التونسية في رأسماله. وتعتبر مجموعة البنك الوطني لقطر الدولية احدى اكبر المؤسسات المصرفية في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا حيث بلغ صافي أرباحها في 31 ديسمبر 2022 ، ما قدره 4ر4 مليار دولار امريكي، بيد ان فرع البنك في تونس، أي بنك قطر الوطني بتونس يعتبر المؤسسة المصرفية الخاسرة الوحيدة، في المجمع وذلك بالرجوع لتقارير نشاط المؤسسات التابعة للمجموعة والموجودة ب27 دولة في كافة قارات العالم.