« السلفية التكفيرية العنيفة في تونس من شبكات الدعوة إلى تفجير العقول » إصدار جديد لاستاذ التاريخ السياسي عبد اللطيف الحنّاشي
« السلفية التكفيرية العنيفة في تونس من شبكات الدعوة إلى تفجير العقول » هو عنوان كتاب جديد للأستاذ الجامعي المختص في التاريخ السياسي المعاصر والراهن عبد اللطيف الحناشي، وصادرعن الدار التونسية للكتاب تناول فيه ظاهرة السلفيّة التكفيرية العنيفة من « نشأتها وهيكلتها وتنظمها الى تشددها وتطرفها وانتشارها وتوخيها الاٍرهاب والعنف بكل اشكاله » .
ويرى الحناشي في تقديمه لكتابه أنّ المواقف والتوصيفات المتعدّدة الصادرة عن باحثين وسياسيين وإعلاميين إزاء نشأة ظاهرة العنف والإرهاب والقائلة بأنها دخلية على الشعب التونسي المسالم تبدو في أغلبها مجانبة للحقيقة وغير واقعيّة بالنظر إلى أنّ تاريخ أي شعب بما في ذلك الشعوب التي وصلت الى درجة كبيرة من التقدّم لا تخلو من مظاهر العنف.
ويتطرق الحناشي في هذا الجانب إلى عدّة حقبات من تاريخ تونس ويبرز ما صاحبها من عنف ليتناول العنف السياسي الذي كان مصوّبا نحو الأجهزة الاستعماريّة الماديّة والبشرية والعنف الذي لم يخل منه تاريخ الحركة الوطنيّة التونسية وما مارسه الحزب الحاكم بعد الاستقلال ضد اليوسفيين والبعثيين والقوميين وغيرهم إضافة على العنف الذي ولّده نظام بن علي .
ويطرح المؤرّخ في تقديمه للكتاب تساؤلاته عن تمدّد ظاهرة السلفيّة العنيفة في تونس وضخامة المنخرطين في تنظيماتها في الداخل والخارج ولماذا حصل ذلك في تونس التي تعتبر من الدول العربية القليلة التي حققت تقدما ملحوظا على الاصعدة الاجتماعية والثقافية والتربوية .
وفي تقديمه للكتاب يوضّح العميد المختار بن نصر (الرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الارهاب) أنّ الرحلة تنطلق بالبحث في جذور السلفية التكفيرية، من نشأتها وهيكلتها وتنظمها الى تشددها وتطرفها وانتشارها، وتوخيها الاٍرهاب والعنف بكل اشكاله نهج عمل ومبدأ حياة مع التأكيد منذ البداية على الغموض والضبابية التي تلف مصطلح الاٍرهاب وما ينشأ عن ذلك من إشكالات قانونية وابستيمولوجية ومعرفية .
ويواصل بن نصر في تقديمه حيث يشير الى ان الكتاب يتطرق إلى ظهور حلقات الجماعات الجهادية التكفيرية التي تدعو الى تغيير أنظمة الحكم القائمة عن طريق العنف مع تدقيق في الأزمنة والأمكنة والالتقاءات والتقاطعات والانقسامات التي واكبت نشأة وتطور تلك المجموعات المتحدة حينا والمختلفة أحيانا انطلاقا من السعودية الى أفغانستان الى الجزائر وانقسام « الجهاديين » الى اتجاهين رئيسيين بعد المرحلة الأفغانية، منها من يدعو لعولمة الجهاد ومنها من يدعو للجهاد القطري .
ثم يخلص الكتاب الى رسم ملامح السلفية في تونس بدءاً بالمسار التاريخي انطلاقا من حقبة ما قبل احتلال البلاد التونسية وكيف تحول التيار السلفي بتونس من تيار إصلاحي متميز بفضل وجود مؤسسة جامع الزيتونة بعلمائها ومشايخها الى تيار تكفيري يعتمد العنف وذلك مرورا بمراحل التأسيس للجماعة الإسلامية منذ ثمانينات القرن الماضي وكيفية تنظمها وهيكلتها وتجاربها القتالية المختلفة مع تحليل ممارسات العنف لديها انطلاقا من تسعينات القرن الماضي اثر عودة عناصرها من أفغانستان و رصد لمختلف عملياتها الإرهابية المتعددة ومحاكماتها ونشاطاتها خارج البلاد.
كما يعمل الكتاب ،وفق بن نصر، على تفصيل مختلف أنشطة السلفية التكفيرية العنيفة بعد الثورة التونسية انطلاقا من الجمعيات الى الاندساس في الأجهزة الأمنية واختراقها، مع التأكيد على انها كانت ترفض المشاركة في العمل السياسي وهدفها الاستراتيجي هو تحكيم الشريعة الإسلامية في تونس وإنشاء إمارة من خلال الانقلاب على الحكم.
وبين الكتاب هيكلة وأنشطة التنظيمات والكتائب ومخططاتها وجهات تمركزها في جرد مفصل ،دقيق وشامل يبين مدى تغلغل وتمكن هذا الأخطبوط الذي انتشرت أذرعه وخلاياه في الجبال والأرياف والمدن والقري ومختلف الأحياء؛ وكيف يختار معسكراته وحواضنه حسب قواعد دقيقة جغرافية وطبيعية وبشرية وامنية في كل جهات البلاد، ومروره للعمل الميداني العنيف والاستقواء وارباك الدولة.
ثم يذهب الكتاب في تفصيل دقيق لتدرج الجماعات السلفية التكفيرية نحو العنف والإرهاب بعد ان أحكمت قبضتها والإنطلاق في الاعتداءات ليضع تفصيلا دقيقا لكل العمليات الإرهابية النوعية واستنتاجات لتداعياتها على الاقتصاد الوطني وعلى المواطنين .
ولا يغفل الكتاب،وفق بن نصر، عن تبيين كيفية حصول الجماعات التكفيرية عن التمويل وعلاقة التهريب بالإرهاب كما يطرح التساؤل الصعب حول التونسيين المقاتلين في بؤر الصراع وحقيقة الأرقام المتداولة حول حجمهم الحقيقي ليحاول الإجابة على أسباب ودوافع ذهاب الشباب التونسي للقتال بتلك الأعداد الكبيرة.
كما تطرّق الكتاب إلى أدوار المرأة التونسيّة في التنظيمات السلفية التكفيرية المقاتلة والأسباب والدوافع التي تقف وراء انخراطها في هذا المسار ويختم بطرح المسالة الشائكة التي ظلت ومازالت تشغل الرأي العام والإعلام والسلطة على حد السواء وهي مسالة العائدين من بؤر الصراع بكل ما في هذا الموضوع من تعقيدات قانونية وإجرائية وسياسية مع طرح موضوع النساء العالقات والأطفال والصعوبات والاكراهات التي تواجه الدولة اليوم .
