البث الحي

الاخبار : اخبار ثقافية

11039724

« امرأتنا في الشريعة والمجتمع » في طبعة جديدة عن دار خريف مع تقديم للدكتورة زينب التوجاني

يعدّ كتاب « امرأتنا في الشريعة والمجتمع » للطاهر الحداد والصادر في أكتوبر 1930 من أهم الكتب المرجعية في تونس والعالم العربي. هذا الكتاب الذي عانى بسببه صاحبه من التكفير والإقصاء الاجتماعي، عند صدوره، تحول لاحقا إلى مرجع في الإصلاح الاجتماعي وتغيير العقلية الذكورية.
ورغم صدور هذا المؤلف في طبعات متعددة (بعد أن أصبح إرثا مشتركا على مستوى حقوق التأليف)، فقد حرصت دار خريف للنشر على إعادة نشره، مع تقديم ثري، بقلم الدكتورة زينب التوجاني أستاذة الحضارة في كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة والمتخصصة في تحليل الخطاب الديني ودراسات « الجندر » والناشطة في الحركة النسوية.
وفي كلمة تصدرت هذا الكتاب الذي وشحته صورة غلاف مميزة، بين الناشر أن « هذه الطبعة ليست مجرد استنساخ لكتاب مرجعي في المدونة التونسية بقدر ما هي قراءة محينة لفكر الطاهر الحداد وكتابه ». وبين حرص الدار على إعادة إصدار طبعة ملحقة بقراءة خاصة للدكتورة زينب التوجاني سعيا لإدراج هذا المؤلف ضمن المسار الإصلاحي الذي عرفته البلاد التونسية منذ القرن الثامن عشر.
وفي تقديمها الوارد في 18 صفحة والذي حمل عنوان « حين يكتب الرجال بمشاعر النساء »، عادت الدكتورة زينب التوجاني بقارئ هذا الأثر إلى طفولة الطاهر الحداد أصيل قابس بالجنوب التونسي، وإلى صباه بتونس العاصمة، وأهم العناصر المؤثرة في شخصيته وأفكاره.
وأشارت إلى أن الحداد الحاصل على شهادة التطويع سنة 1920 كان صديقا للنقابي محمد علي الحامي وعاش معه ظروف نشأة جامعة عموم العملة التونسية، وكتب قبل « امرأتنا في الشريعة والمجتمع » كتابا حول العمال التونسيين وظهور الحركة النقابية. وقد حجزت الإدارة الفرنسية آنذاك كتابه الأول « خوفا من بث الروح النقابية الوطنية » فقد كان قلمه « أمضى من السيف وأدق من الرصاص » وفق توصيف التوجاني التي بينت أن الحداد جمع المقالات التي كان ينشرها طيلة سنتين من 1928 إلى 1930 وأصدر « امرأتنا في الشريعة والمجتمع ». وقد كانت كتابته حول العمال والنساء « انعكاسا لذاته المرهفة وحسه المتعاطف النبيل ».
ورغم سنوات المحنة التي عاشها بعد صدور الكتاب، حيث وقعت محاكمته وتكفيره وافتكوا منه شهادته وكتبت فيه عدة مقالات تنتهك سمعته وعلمه ودينه، ورغم أنه مات حزينا، « إلا أنه ثابت على ما كتبه ولم يتراجع عنه ولو قليلا ». وفي هذا السياق بينت الباحثة زينب التوجاني أن الحداد أضاف رسالة نشرتها بيت الحكمة سنة 2019 تحت عنوان التجديد والجمود كان « جمع فيها كل حجج خصومه وفندها مبقيا صوته عاليا مصرا على أن المساواة بين الرجال والنساء قدر وأن عبودية النساء زائلة مثلما زالت عبودية العبيد ».
وذكّرت الباحثة في هذا التقديم المميز للكتاب أن الطاهر الحداد مات ثابتا وصلبا في مواجهة ثقافة الجمود والعسف، ولم يمح موته السريع أثره العظيم، الذي بين فيه أن « امرأة الشريعة انتهى زمنها وامرأة المجتمع بحاجة الى تشريع عصري ونفس جديد يعيد الروح لها وللتشريع وللمجتمع ». إذ بين الحداد في كتابه، وفق قراءة التوجاني، الخيط الفاصل بين الشريعة والدين، وبين الحق والظلم، فالدين عنده جاء بالقيم القائمة على المساواة والحق والعدل، وأما شرائع الفقهاء فلا تكفي في نظره لتحقيق قيم الدين.
وسلطت الباحثة في هذا التقديم الضوء عما يميز الحداد عن أجيال المصلحين وفكرهم التجديدي بدءا بخير الدين باشا ومرورا بالثعالبي وغيرهما ممن كتب في الإصلاح الديني أو الاجتماعي أو القانوني. وحاولت الإجابة عما قد يتبادر إلى أذهان القراء من تساؤلات منها : ما الذي يجعلنا ونحن في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين نعود إلى هذا الكتاب الذي كتب في العقد الثالث من القرن الماضي؟ وفيم يتجلى الحس النسوي للحداد ومظاهر تعاطفه الأنثوي العميق ؟ وغيرها من المسائل التي تقدم الإجابات عنها إضاءات لكل شغوف بالمعرفة وكل مهتم بتاريخ تونس من جهة وبالمصلحين الاجتماعيين وببذور الحركات النسوية وبفكر الطاهر الحداد على وجه الخصوص.
وللتذكير فإن كتاب « امرأتنا في الشريعة والمجتمع » ينقسم إلى قسم تشريعي وقسم اجتماعي. يتناول الأول المرأة في الإسلام وحقوقها المدنية (الزواج في الإسلام، ما قبل الطلاق…) وآراء العلماء في المرأة والزواج.
أما القسم الاجتماعي فيقدم فيه الحداد « كيف نثقف الفتاة لتكون زوجا فأما » حيث يتناول الثقافة الصناعية والمنزلية والعقلية والأخلاقية والزوجية والثقافة الصحية، كما يتناول « مباحث في الزواج » ويطرح فيه عدة قضايا منها الزواج بالإكراه والزواج دون السن وغيرها. ويخصص الحداد جزءا من كتابه للحديث عن « مشاهد البؤس الاجتماعي في العائلة والشعب » و »تيار التطور الحديث في الشعب » من ذلك الزواج بالأجنبيات. كما يعطي مواقفه وقراءته الخاصة في مسائل الحجاب والسفور وتعليم المرأة.
ويلي هذا الأقسام خاتمة الكتاب التي يقول فيها الطاهر الحداد « هذا هو صوتي أرفعه عاليا بقدر ما لي فيه من قوة العقيدة وراحة الضمير. ولو أمكنني أكثر من هذا لفعلت. ويا ليتني كنت أستطيع أن أصرخ كالبركان الهائل، عسى أن أزعج برعدي جميع الذين مازالوا يغطون في نومهم غارقين في أحلامهم الضالة التي جعلتنا في هذا العالم مثالا لسخرية القدر ».
ولعل المتمعن في كلمات الطاهر الحداد، أحد أهم رواد الإصلاح في تونس، يتبين كم كان مفكرا مستنيرا، حرّا، حاملا لهموم شعبه وسابقا لزمانه، مدافعا عن قضايا ظلت إلى اليوم وبعد نحو قرن محل أخذ وردّ بين المجتمع المدني وأصحاب السلطة السياسية على مرّ السنين، مما يجعل الطاهر الحداد وفكره الذي « ملأ الدنيا وشغل الناس »، حيا على الدوام.

بقية الأخبار

برامج إذاعة المنستير

برامج إذاعة المنستير

برامج اليوم

برامج اليوم

بشائر الصباح

بشائر الصباح

Facebook

Facebook

Instagram

Instagram

Youtube

Youtube

Twitter

Twitter

شهادات حية

شهادات حية

الميثاق التحريري

الميثاق التحريري

مدونة السلوك

مدونة السلوك