تحت عنوان « كيف تؤسس تونس لعقيدة أمنية »، صدر كتاب جديد عن منشورات « ليدرز »، لأمير اللواء المتقاعد محمد النفطي، وهو عبارة عن دراسة يحاول من خلالها الكاتب الوقوف على متطلبات الأمن الذي تمليه ظروف النظام العالمي الجديد، انطلاقا من العودة إلى الجذور التاريخية والقيم التي طبعت المجتمع التونسي.

في هذا الإصدار الوارد في 240 صفحة من الحجم المتوسط، يقدم الكاتب، بالاستناد إلى جملة من المراجع القيّمة، عددا من المفاهيم والمصطلحات، حيث يعود بالقارئ في الفصل الأول إلى أهم المفردات الأمنية وتطورها عبر العصور بدءا من مفهوم الأمن في العصر القديم وفي القرآن مرورا إلى تطور هذا المفهوم في تصور المفكرين في عصور النهضة الإسلامية، كما وقف عند هذا المفهوم لدى مفكري الغرب (في عصر النهضة الأوروبية وفلاسفة العقد الاجتماعي والعصر الحديث) وفي الشرق العربي.

وخلص إلى ضرورة العودة إلى مصطلح الأمن الذاتي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي بالاستناد إلى ما جاء في القرآن والتفاسير وغيرهما من مؤلفات المفكرين العرب والمسلمين، لا فقط الاكتفاء بالنقل عن حضارة الغرب معتبرا أن « الماضي يمنح لنا إطار البناء والحضارة الكبيرة تمنح لنا الحافز والمثال ».

وقدم مؤلف الكتاب في الفصل الثاني تحليلا نظريا لأمن البلاد يشمل مفهوم الدولة الأمني وتابع تطور المصطلح الأمني للدولة عبر العصور من أفلاطون إلى الفارابي وماكيافيلي وصولا إلى مفهوم الدولة السياسية لدى « مونتسكيو » وغيره من الفلاسفة. كما بين المراجع الأمنية المرتبطة بمكوناتها وعناصرها والتهديدات التي قد تطالها على اختلاف أنواعها. وخصص المؤلف جزءا من هذا الفصل لتعريف السياسة الأمنية للبلاد ومختلف أشكالها، وتحديد غاياتها وأساليب بنائها.

وتناول محمد النفطي في الفصل الثالث من الكتاب القيم الأمنية المكتسبة والقيم المفقودة للمجتمع التونسي، وهي عبارة عن دراسة في التاريخ الأمني التونسي من العصر القديم إلى الاستقلال. فقد تطرق الباحث إلى أهم ما مرت به تونس في الفترة البربرية القبصية واستيطان الفينيقيين في تونس وكذلك القرطاجيين والرومان والغزو الوندالي ثم فترة البيزنطيين، مع التعريج على أبرز مميزات النظام الأمني والقيم المجتمعية في كل حقبة. وتناول الباحث كذلك أهم مميزات العصرين الوسيط والحديث في هذه المجالات.

أما الفصل الأخير فقد جاء في شكل خلاصة لكل ما ورد في هذه الدراسة، حيث أبرز الكاتب أهم اتجاهات الإصلاح الأمني المقترحة لبناء السياسة الأمنية وفق منظوره.

والكاتب أمير اللواء المتقاعد محمد النفطي، بحسب ما جاء في تقديم الناشر، كان ضابط مشاة، وقد تكون بمدارس عسكرية تونسية وأمريكية وإيطالية وتولى قيادة عديد التشكيلات الميدانية. وقد شغل سابقا منصب المتفقد العام للقوات المسلحة التونسية وكان عضوا بالمجلس الأعلى للجيوش (2013- 2014)، كما تولى عديد المهام الأخرى حيث كان ملحقا عسكريا بالسفارة التونسية بالقاهرة (2012- 2013)، ومستشارا لرئيس البعثة العسكرية للاتحاد الافريقي إلى بورندي (2003-2004).

ويعد هذا الكتاب هو الخامس له حيث صدر له في السابق أربعة مؤلفات تناولت قضايا أمنية تونسية، منها « داعش، دراسة جيوبوليتيكية »، كما نشر عديد التحاليل والبحوث الأمنية.