البث الحي

الاخبار : صحية

343585027_560985082865748_8314643708657649594_n

في تونس: مياه الشرب ..السم في الدسم (تحقيق استقصائي)

منى العابدي

خزانات مياه معدة للشرب في مناطق بعيدة و على الطريق بدون حراس أبواب بدون اقفال و قنوات في متناول كل من تسول له نفسه العبث بحياة المستهلكين،  واشكال مختلفة للهندسة الخاصة بالخزانات لكن النفاذ الى الكثير منها ليس بالأمر الصعب.

تحتوي بعض الخزانات على مياه ملوثة بجراثيم ناتجة عن براز وتتسم مياه بعض المناطق بلون ورائحة غير طبيعية تنذر بانعكاسات صحية متفاوتة الخطورة.

كما تعيش عديد المناطق أوجها مختلفة من تلوث مياه الشرب ومميزاتها ومنها ما أثار ضجة إعلامية وولدت تخوفات لدى المواطنين عن سلامة مياه شربهم مما قادهم للاعتماد أكثر وأكثر على المياه المفلترة وتحمل كلفها المالية كما يبين هذا التقرير.

 

|

و تبرز التقارير الرسمية والدولية ارتفاعا في نسب التحاليل الغير مطابقة للمواصفات الجرثومية لمياه الشرب وطنيا وعلى مستوى الجهات المحلية.

وتحوي تطاوين النسبة الاعلى وطنيا للتحاليل الغير مطابقة للمواصفات الجرثومية لمياه الشرب و التي تجريها وزارة الصحة.

رغم اختلاف مصادر مياه الشرب في تونس لكنها تعد في جزء كبير منها غير مطابقة للمواصفات التونسية و الدولية حسب ما يشير بيان لمقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان بيدرو أروخو- أغودو.

فوفق المقرر 57% فقط من سكان البلاد التونسية يتمتعون  بالحصول على مياه شرب مأمونة و حسب البيان الصادر في 28 جويلية 2022 إثر زيارته تونس فقد ذكر أن مشاكل التلوّث البرازي على غرار الاشريكية القولونية تصل إلى 42% في بعض المناطق الريفية بينما تصل في المناطق الحضرية إلى حدود 23% و يؤثر النقص في جودة المياه بشكل عميق على صحة السكان والأطفال بشكل خاص وعلى فرص الولادة الناجحة لدى الحوامل.

التقرير السنوي لوزارة الفلاحة التونسية يقول في ذات السياق أن المعدل الوطني لنسب عدم التطابق للمواصفات الجرثومية المسجل في عام 2021 هو 10.6٪ وهو ما يدعمه ايضا اخر مسح عنقودي متعدد المؤشرات mics لسنة 2018 في إطار برنامج صندوق الأمم المتحدة للطفولة والذي يقول أن 20 % من السكان في تونس يستهلكون مياه الشرب المستمدة من مصدر يحتوي على بكتيريا الإشريكية القولونية.

وتنتج بكتيريا الاشريكية القولونية عن تلوث بالبراز بنسب %30 و %16 على التوالي في المناطق الريفية والحضرية. كما يستهلك 29 % من السكان مياه الشرب في المنزل المحتوية على بكتريا E-Coli ، بنسب %42 و 23 % على التوالي في المناطق الريفية والحضرية.

وبالرجوع إلى أغلب الاحصائيات الأممية و الرسمية التونسية المتوفرة الى حد الان فان عدم مطابقة المعايير الخاصة بجودة مياه الشرب يحافظ على ارتفاع النسب جهويا ووطنيا على مدى السنوات الأخيرة.

01 (2)received_771132801278782

 

ملوحة عالية و مياه معكرة في غياب الكلور و اخرى خطرة بارتفاع معدلاته

عديد مدن الجنوب الشرقي حيث ارتكز اغلب عملنا الميداني خلال التحقيق عنصر الملوحة فيها ظاهر. في جزيرة جربة مثلا و جرجيس أثار طعم الملوحة احتجاج السكان على مواقع التواصل الاجتماعي حيث رصدنا خلال إعداد التحقيق تشكيات على مدى فترات زمنية مختلفة من ملوحة فاقت المعتاد و كأنك تشرب من البحر، وفق عدد من السكان.

و بتوجهنا للمدير الجهوي للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه السيد أحمد صولة، فسر  الانقطاعات المتكررة للمياه في جربة بعمليات الصيانة والتدخلات الدورية في محطة  تحلية المياه بجربة. وعادة ما تترافق مثل هذه الاستعدادات مع اقتراب فصل الصيف و أعتبر صولة الانقطاعات حوادث عرضية.

أمَا فيما يخص الملوحة، فقد ذكر المدير الجهوي أحمد صولة أنَ إيقاف المحطة في كل مرة عن العمل ينتج عنه مياه غير محلاَة مع الاكتفاء بتوزيع المياه المستخرجة من الآبار هناك، و كنتيجة لذلك رأى أنَه من الطبيعي أن ترتفع الملوحة باعتبار طبيعة المنطقة كجزيرة.

مع بروز حلول في بعض المناطق بتحلية مياه البحر، إلاَ أنَه يبقى حلاَ مكلفا للدولة وواجه تعثُرات و تعطيلات في إرساء المحطات المبرمجة و إشكالات في تلك التي وقع تركيزها كالتي في جربة.

  كما تعتبر أيضا محطة التحلية الحالية بقابس غير كافية لأنَ درجة ملوحة المياه تفوق في بعض مناطق الولاية 3٪ وهي نسبة عالية حيث حددت المواصفات التونسية (NT09.14) ملوحة المياه الصالحة للشرب في مجال يتراوح بين 0.2 غ/ل و 2 غ/ل (مياه التحلية 1.5غ / ل).

في المقابل حدَدت المواصفات الدولية ملوحة المياه حسب تقارير منظمة الصحة الدولية ب1.2غ/ل. المواصفة الأوروبية حددتها ب 0.2 الى 0.5 غ / ل وتجاوز هذه النسبة يجعل طعم المياه غير صالح للشرب.

 وهناك مناطق فاقت النسب فيها 2غ حسب رئيس مخبر تحلية و تثمين المياه الطبيعية بمركز بحوث وتكنولوجيا المياه حمزة الفيل.

 Sans titre-2 (1)

 

وذكر الفيل أنَ الشركة التونسية لاستغلال و توزيع المياه تتَجه كنتيجة لهذا الواقع إلى تحلية مياه البحر في مناطق مختلفة تشهد إشكاليات ملوحة منها جزيرة جربة.

ونبه  الفيل  إلى أن مثل هذه التحلية عادة ما يتبعها خلط المياه لتصل نسبة الملوحة حتى 1.5 و في هذه الحالة يعد الماء غير قابل للشرب رغم أنه يحترم المواصفات التونسية.

تقول  الدكتورة في علوم المياه و الأرض راضية السمين أن جودة المياه عموما في تونس مرتبطة بالعوامل الطبيعية و التدخل البشري والاستغلال المفرط.

وتشير السمين إلى أن نوعية المياه تدهورت لأن أكثر من 84 بالمائة منها تفوق ملوحتها المعايير المعمول بها.

|

لضمان مياه بجودة عالية لابد من الانتظام في عمليات تعقيمها ومعالجتها و يعتبر الكلور المادة الأكثر اعتمادا والأوسع انتشارا لفعل ذلك. وتحدد المواصفات التونسية نسبته في المياه ب0.2 و 0.6 ملغ / ل. لكن وعلى غرار نتائج التحاليل الخاصة بمحافظة تطاوين التي تجريها مصالح الصحة في الجهة والتي تثبت غياب الكلور بنسبة 34 % سنة 2022 فإن الأمر ينسحب على العديد من الجهات التونسية حيث تم تسجيل معدلات مرتفعة من حيث غياب الكلور الحر المتبقي بنسب متفاوتة في عديد الولايات .

 

03 (1)

 

ويؤكد الباحث حمزة الفيل ان غياب الكلور تماما أو وجوده في المقابل بكميات اكبر من التي تحددها مواصفات الجودة يعدَُ خطرا حقيقيا في الحالتين، فغياب الكلور في مياه راكدة في الخزانات مثلا يسبب التعفنات حسب عديد الخبراء الذين التقيناهم خلال العمل على هذه المادة. وجوده بكميات تفوق المواصفات، في المقابل، يولَد عناصر أخرى ثانوية خطيرة بعد تفاعله مع مواد عضوية في الماء لينتج مواد مسرطنة.

كما أشار الباحث حمزة الفيل إلى أنه و بحسب بحوث يجريها معهد البحوث حول المياه ببرج السدرية فإن نسب الكلور تسجل أضعاف المعدلات المتفق عليها كمواصفات خاصة بهذه المادة في مياه الشرب، كما تنتج زيادة الكلور في بعض الحالات على سبيل المثال THMsTrihalomethane وهي مادة تنتج عن تفاعل الكلور مع المواد العضوية في الماء.

 و تعتبر هذه المادة مسرطنة حسب باحثين .وقد اثبتت دراسات في كندا مثلا أن لها انعكاسات خطيرة في حال تجاوزها المواصفات الكندية و التي بدورها اقل مما تحدده المواصفات التونسية. يعني ذلك أن خطورة انعكاساتها في تونس أكبر بكثير، وفق الباحث حمزة الفيل . ويمكن أن تحدث THMs  تعكرات لدى البشر عند استنشاقها في بخار الماء أثناء الاستحمام أو امتصاصها من الجلد مثلا بالاضافة لكونها مادة مسرطنة.

مياه غير صالحة للشرب و مخالفة لمعايير الجودة

ورصد التقرير الذي أصدرته وزارة الفلاحة لسنة 2021 تسجيل معدلات عالية من عدم الامتثال الجرثومي في عدة محافظات. وتعزى هذه المعدلات إلى غياب أو عدم فاعلية عمليات التطهير. كما أنَ نتائج التحاليل الفيزيائية والكيميائية التي أجريت على عينات من المياه وزعت من قبل الشركة التونسية لاستغلال و توزيع المياه SONEDE  أظهرت معدلات عالية من عدم الامتثال لحدود الجودة في عدة مناطق .

كما أثارت رداءة مياه الشرب في منطقة حاجب العيون من محافظة القيروان خلال السنة المنقضية 2022 ضجة إعلامية. وقد أثبتت تحاليل تم اجرائھا على میاه الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه في المنطقة عدم مطابقتھا لجميع المعايير الصحية. وتم اكتشاف عدة شوائب ومواد ملوثة في الماء وفق الخبير المكلف من طرف المحكمة الإدارية بالقيروان وذلك إثر الدعوى القضائية التي رفعھا فرع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ضد الشركة المذكورة.

في مقابل كل هذه الإحصائيات و التشكيات يبين تقرير المرصد الوطني للمياه  أن الشركة التونسية لاستغلال و توزيع المياه SONEDE تشير إلى أنها أجرت تحاليلا لأكثر من خمسة آلاف عينة،  3٪ منها فقط غير مناسبة من الناحية البكتيرية. وهو ما يتنافى مع بقية الأرقام الواردة بالتقارير الرسمية للجهة الرقابية الأخرى حول عدم الامتثال الجرثومي للمعايير.

كما تبين تقارير الرقابة الصحية لمياه الشرب الموزعة بواسطة الهندسة الريفية (المندوبيات الجهوية للفلاحة) تسجيل معدلات عالية من عدم الامتثال الجرثومي خلال سنة 2020 في عدة محافظات. كما سجل عدم وجود الكلور المتبقي نسب عالية جدا .

و تنضاف إلى هذه الإشكالات تواجد عنصر الكالكير وهو عامل آخر يؤثر في جودة مياه الشرب.

يعتبر الكالكير مادة مضرة لقنوات المياه وصحة الانسان على السواء. حسب الباحث حمزة الفيل فقد قدم مركز البحوث حلولا منذ سنوات للحد من هذه المادة و اضرارها بالقنوات لكن لم يتم العمل بها .

اهمال و ضعف امكانيات سبب ارتفاع نسب التحاليل غير المطابقة للمواصفات

خلال العمل على هذه المادة، توجهنا للبحث ميدانيا عن الأسباب التي تقف وراء عدم تطابق نتائج تحاليل عينات المياه الموزعة للشرب في تونس مع المعايير الدولية و الوطنية. وتختلف تلك الأسباب باختلاف مصادر مياه الشرب التي يتم تزويد المستهلكين بها من منطقة إلى أخرى في تونس . و قد ركَزنا في عملنا الميداني في البحث عن الأسباب الخاصة بولاية تطاوين التي تسجل النسبة الاعلى للتحاليل الغير مطابقة للمواصفات الجرثومية والبكترولوجية لمياه الشرب. وخلال الجولة في المحافظة، كان ملاحظا أن خزانات المياه على الطريق اغلبها غير محمي بأسوار و إن وجدت فالأبواب بدون أقفال مع تسجيل غياب الحراس للعديد منها .

غياب الحراس عامل قد يحاول الأعوان المكلفون من الشركة التونسية لاستغلال و توزيع المياه بتلافي تأثيراته المتوقعة بالمتابعة للشبكات والخزانات وصيانة المعدات والتدخل في حال وجود أعطال وغيرها من المهام. لكن عديد الاعوان من بين هؤلاء بمستوى تعليمي متدني وهم مكلفون بالسهر على جودة المياه و منها إضافة الكلور وهي المادة المعقَمة للمياه الراكدة داخل الخزانات بصفة منتظمة لتفادى تلوثه بالجراثيم.

و تبرز بعض التصريحات للأعوان الذين جرت مقابلتهم عدم التمكن من قياس النسب بشكل جيد واعتمادها بشكل تقريبي .  » حكاية سطل هكاكا » أي حوالي سعة سطل ماء تقريبا، على ما قال أحدهم، فيما رد الاخر باللهجة المحلية « وهية كذا… » أي حسب التقريب كذا.

اقر هؤلاء ايضا بعدم توفر وسائل النقل الأمر الذي يحول دون الذهاب يوميَا الخزانات والآبار للمتابعة و التفقَد نظرا لوجودها في أماكن خارج المدن وخاصة في الأماكن الريفية البعيدة.

          IMG_20230303_130157

عبر المستجيبون عن تخوفهم من عدم توفير وسائل الحماية باعتبار تأثيرات الكلور بالكميات الكبيرة وانعكاساتها المتوقعة خلال القيام بالعملية. كما نفوا ايضا تلقيهم تكوينا في هذا الاطار مما يطرح السؤال عن امتلاكهم المهارات والمعرفة اللازمة للقيام بمهامهم.

كما أن نسب غیاب الكلور الحر المتبقي في المياه (résidue libre chlore ) حسب التقرير الوطني لوزارة الفلاحة مرتفع في تطاوين، اذ يسجَل %33 مقارنة بالمعدل الوطني المحدد ب %4.5 .

وقال الأعوان الذين قابلناهم إن تكليفهم بمهمة تنظيف الخزانات يحدث مرة كل سنة، مشيرين إلى أن هذه المهمة تحدث في ظروف رديئة بمجهودات شخصية بعيدا عن مقاربة الصفقات والمقاولات الخاصة المعمول بها في مثل هذه الحالات او الفرق الخاصة وبوسائل ناجعة و مختصة في إطار أشمل للشركة من حيث المعدات و الأعوان و المقاييس مؤكدين قيامهم بالعملية بأنفسهم.

وفي قراءة لنتائج بعض التحاليل سنوات 2022 و2021 التي تحصلنا عليها و الخاصة بخزانات كل من الصمار  وبني مهيرة وبئر ثلاثين و هي في مناطق مختلفة و معتمديات منفصلة رصدنا جراثيم و بكتيريا ناتجة عن براز مثل الاشريكية القولونية والمكورات المعوية البرازية و مركبات اخرى (entérocoques intestinaux,Escherichia Coli, Coliformes).وهو ما يثير تساؤلات عن وجود مثل هذه الجراثيم داخل خزان من المفترض انه مغلق و مياهه متأتية من البئر مباشرة.

 هذه الجراثيم والبكتيريا المتعلقة بالبراز والفضلات المعوية في الخزانات  تؤشر على ضرورة العمل على حماية هذه المنشآت وتعقيمها.

وقد رصدت الجهات الرسمية وجود شخص داخل خزان في ولاية تطاوين مكث فيه يومين دون التفطن لذلك منذ البداية وهي حادثة غريبة أثارت الرأي العام نظرا لما لها من تبعات. كما أن المستهلكين لهذه المياه الملوثة بالبراز و التي ربما تثير بعض الأعراض الخفيفة لديهم أغلبهم لا يكترثون جدا لها و لا يبحثون عن السبب و يكتفون ببعض الأدوية من الصيدلية دون اجراء الفحوصات اللازمة لكن الأمر قد يكون أخطر اذا ما تعلق بالأطفال او الرضع.

وفي تعليقه على هذه اللقاءات والمعلومات، قال المدير الجهوي للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه السيد أحمد صولة إن  تنظيف الخزانات  يتم عن طريق لزمات تسلَم لخواص.  لكنه استدرك بالقول اثر ملاحظاتنا بأن بعض الأعوان صرحوا بقيامهم بهذه العملية خارج أطر السلامة وان الشركة تستعين في حالات معينة وأعوانها لتنفيذ بعض من هذه المهمات.

واشار المسؤول إلى وجود مهندسين يقومون بالاشراف على الأعوان المكلفين بالعملية ووضع جدول زمني لهذه العمليات. وتجنب المسؤول الرد على الاستفسارات بخصوص الهوة بين خطط الشركة الرسمية والواقع على الأرض.

وأقر المدير الجهوي أن غياب الحراس يعد مشكلا، مشيرا إلى وجود سرقات في بعض الأماكن والآبار لبعض المواد  مثل الأسلاك النحاسية و ذكر أن وجود حراس يقتصر فقط على اماكن وصفها بالحساسة جدا .

واشار التقرير السنوي لأنشطة حفظ الصحة للإدارة الفرعية للصحة البيئية بولاية تطاوين لسنة 2021 والذي تلقيناه اثر مطلب للنفاذ للمعلومة للإدارة الجهوية للصحة، إلى تسجيل ارتفاع ملحوظ في النتائج الإيجابية للتحاليل الجرثومية للشبكات والخزانات الراجعة بالنظر للشركة الوطنية لاستغلال و توزيع المياه و الهندسة الريفية عبر المنشآت التي تشرف عليها المندوبية الجهوية للفلاحة  لتبلغ 50٪بالشبكات و 61٪ بالخزانات سنة  2022 أي النصف غير مطابق للمواصفات البكتريولوجية و يرجع التقرير ذلك للأسباب التي رصدتها معدة التحقيق و منها ما ذكرناه سلفا مثل عدم تطهير مياه الشرب بالشبكات و الخزانات بصفة يومية ومنتظمة وغياب كلي لعمليات التطهير للهندسة الريفية بالآبار والمناطق الحدودية .

 05 (2)

 

ورصد التقرير أيضا عدم تجهيز بعض الخزانات بمضخات آلية للكلور فبعض الآلات و ان وجدت سابقا فهي معطبه وتم تسجيل غيابها في أماكن أخرى .

التحاليل التي تجريها وزارة الصحة والتي اطلعنا على العديد منها بدورها لا تشمل في بحثها من الناحية البكتريولوجية والجرثومية كل البكتيريا والجراثيم والعناصر والمركبات التي يمكن أن تحتويها مياه الشرب الملوثة وتقتصر في التقصي على أنواع محددة منها لا جميعها.

توجهنا بطلب النفاذ للمعلومة لإقليم الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لكن دون رد خلال الآجال، رغم محاولات عديدة للتواصل خلال تلك الفترة.

 و حاولنا اثر انقضاء الآجال الحصول على رد و حوار عديد المرات ,لنظفر بعد انتهاء التحقيق و التنسيق لارساله للنشر برد على مطلب النفاذ و الذي جاء كمحاولة يائسة أخيرة منا بإرسال إرسالية قصيرة على الهاتف الشخصي لمديرة الإقليم لطلب مقابلة حيث تحصلنا كنتيجة لذلك و بعد اتصال بالمدير الجهوي لاقليم الجنوب على رد على طلب النفاذ الاول كتابيا فحين تم رفض إجراء حوار مع المسؤولة محليا على اقليم الشركة في محافظة تطاوين.  وقد تنقلنا لمقر الإقليم لمزيد المحاولة باعتبار البوادر الإيجابية لإمكانية التواصل فوقع استقبالنا مع الرفض مجددا لإجراء حوار بشكل رسمي.

أما عن جودة المياه و عدم صلوحية جزء منها للشرب فكان رد المدير الجهوي للشركة بخصوصها بأن التحاليل تجرى في مخابر وزارة الصحة نافيا أن توزع الشركة مياه غير مطابقة للمواصفات للمواطنين و لها انعكاسات على صحتهم و فسر أن المشكل يكمن في اختلاف المعايير التي كانت تعتمدها كل من الصحة و الشركة و هي إجابة تثير الاستغراب و تطرح عديد التساؤلات حول ما تخفيه باعتبار أن المواصفات التونسية تحددها الدولة و هي موحدة حسب المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية INNORPI وواضحة لدى الجهات المسؤولة على تطبيقها و مراجعتها ,فكيف لها ان تختلف من ادارة الى اخرى؟ وقد وجه هنا الإخلال لمصلحة المراقبة بإدارة الصحة. قمنا بدورنا بالتثبت في السنوات المرجعية للمواصفات الموجودة على بعض التحاليل التي تحصلنا عليها ,فوجدنا أنه بالفعل وخلال سنوات تم اعتماد معايير سنوات 2000 و1985 و1983 و لكن رغم ذلك تبقى العينات المأخوذة غير مطابقة من الناحية البكتريولوجية و الجرثومية حتى بالعودة لاخر تحيين للمعايير التي يتم اعتمادها حاليا ,و هي تعود لسنة 2013 ,حيث ترتفع النسب في العديد من التحاليل التي من المفترض أن لا ترصد جراثيم أو بكتيريا في مياه الشرب. وقد فسَر المدير الجهوي نتائج التحاليل المذكورة في تقارير وزارة الصحة ووزارة الفلاحة و التي ترصد نتائج عالية جدا لعدم المطابقة للمواصفات الجرثومية و البكتريولوجية بأن مصالح المراقبة الصحية تأخذ العينات من أماكن لا تمكَن من تحديد المطابقة من عدمها للمواصفات بدقة و لا تمكن من تقييم جودة المياه بالشكل المطلوب.

كما ذكر أن عدم اضافة الكلور أو بعض الاخلالات قد تحدث نتيجة اشكالات ظرفية و حوادث تقع صدفة لكنها ليست متكررة و لا تعبَر عن الأرقام المقدمة في هذا السياق . لكن بعودتنا الى التحاليل المجراة حول مياه الشرب في محافظة تطاوين عموما من هيكل الرقابة الصحية و بعد احتسابها وجدنا أنها بلغت 2188 تحليل جرثومي و 4875 عملية مراقبة للكلور سنة 2019 و 1882 تحليل جرثومي و 4673 عملية مراقبة للكلور سنة 2020 و 3081 تحليل جرثومي سنة و 4665 عملية مراقبة للكلور 2021 و 2646 تحليل جرثومي و 4403 عملية مراقبة للكلور سنة 2022 و من غير المنطقي ان هذا العدد من العينات رفع كله بالتزامن مع حوادث عابرة و لو أن الامر كذلك فهي اضحت متكررة لا عابرة و ظرفية.

كما أن التحاليل تؤخذ من ثلاث أماكن ضمن مسالك مياه الشرب، تبدأ من نقطة الضخ الاولى بالبئر حيث تؤخذ العينة الاولى في اتجاه الخزان ثم تؤخذ العينة الثانية من الخزان ثم من الشبكات حيث النهاية مسلك المياه الذي يستقبله المواطن وبالتالي نظريا فإن هذه التحاليل  ليست مأخوذة من مكان واحد.

من خلال عملنا على هذا التحقيق خلال السنتين المنقضيتين رصدنا فتح آبار جديدة وقد وثقنا إعلاميا وعلى صفحات التواصل الاجتماعي التصريحات الخاصة بدخول هذه « الانجازات » حيز الاستغلال من مسؤولي الدولة الجهويين و جاءت في إطار الاستجابة لحاجيات المواطنين اثر الاحتجاجات المتواصلة و الوقفات المطالبة بالتزود بمياه الشرب أمام الإدارات المعنية  ومراكز السيادة  نتيجة الانقطاعات المتواصلة لأيام وأشهر في التزود بمياه الشرب.

 و كانت الاحتجاجات و الطلبات تحتدَ خلال فترات الذروة و منها في فصل الصيف. توجهنا بمطلب نفاذ لإقليم الشركة الجهوية لاستغلال وتوزيع المياه بتطاوين لبيان العدد النهائي الآبار والخزانات المسؤولة عن تزويد محافظة تطاوين بالمياه الصالحة للشرب دون أن نظفر برد في الآجال و رغم تنقل معدة التحقيق أيضا بشكل شخصي لإقليم الشركة عديد المرات لمحاولة الضغط للحصول على المعلومة  لكن دون جدوى.

في المقابل عدد الآبار والخزانات المراقبة من وزارة الصحة على مدى سنوات 2019.2020.2021.2022 بقي نفسه حسب مطلبنا للإدارة الجهوية للصحة ووفق النتائج التقارير الرقابية مما يحيلنا الى تسجيل دخول منشآت جديدة و آبار غير مراقبة حيز الاستغلال لحل الازمة الحاصلة في التزود  بمياه الشرب و تحت ضغط الاحتجاجات و الطلبات.

ذات النقطة جاءت في تقرير الهيئات الرقابية لمصالح وزارة الصحة حيث أكدت إدخال آبار عميقة حيز الاستغلال دون الأخذ باستشارة الإدارة الفرعية للصحة البيئية و عدم مدها بخارطة محينة في هذا الصدد.

و لمزيد تعميق البحث في هذه الزاوية التي كشفها عملنا حاولنا مرة اخرى الحصول على قائمة الآبار والخزانات التي تستغل من الشركة ودخلت حيز العمل الفعلي. وباطلاعنا على قوائم الآبار والخزانات التي أمدتنا بها مصالح الشركة بعد انقضاء آجال طلب النفاذ الأول و الأخرى التي تحصلنا عليها من مصالح الرقابة الصحية ,وجدنا اختلافا كبيرا تصل فيها الآبار الغير مراقبة من الهياكل الصحية أضعاف الآبار المراقبة من قبل ادارة الصحة و هنا يعزى هذا الأمر لغياب قناة اتصالية هيكلية تحددَها الدولة للتواصل و التنسيق بين الادارتين للقيام بالرقابة على أكمل وجه، رغم أن جلسات تعقد في مقر المحافظة بحضور عديد الأطراف لطرح هذه الإشكالات .

هذا الإشكال  يحيلنا الى ان احدى الادارتين تشهد تقصيرا و إهمالا في القيام بواجبها وهنا توجه أصابع الاتهام بشكل أكبر إلى إقليم شركة المياه بعدم الإعلام بالآبار الجديدة التي تستغل. وفي رده على عدم مد مصالح الرقابة الصحية بخارطة تضم كل نقاط المياه الصالحة للشرب و منها خاصة الآبار الجديدة التي تدخل حيز الاستغلال لمراقبتها ذكر المدير الجهوي للشركة ان الابار الجديدة يتم ربطها اثر التحاليل اللازمة مؤكدا ان أعوان المراقبة الصحية لديهم خارطة بكل الابار وهو ما تنفيه الادارة الفرعية للصحة البيئية حيث تضمن في تقاريرها هذه النقطة لسنوات و تطالب بخارطة دون تحيينها الى حد اليوم و كنا تعرضنا سابقا الى هذه النقطة خلال التحقيق .

تهديدات صحية عن طريق مياه شرب غير مؤمنة نتيجة الإهمال والتقصير ,تنضاف إليها عوامل أخرى تزيد من تعميق الأزمة ,مثل غياب ربط عديد المعتمديات و منها خاصة المناطق الحدودية بشبكات الصرف الصحي وهو ما يطرح إشكالات عدة داخل التجمعات السكانية في هذه المناطق بالإضافة الى تقادم الشبكات المعدة لمياه الشرب.

كما أن المراقبة الصحية لنقاط المياه العامة في المناطق الريفية تسجل معدلات عالية من عدم الامتثال الجرثومي .وترتفع نسب عدم التطابق مع المواصفات في المناطق الحدودية لتسجل المراقبة الصحية لمياه الشرب بالمناطق الحدودية 82 % كما تسجل 00 عمليات تطهير.

كما أفادتنا بعض المصادر الرقابية في عملنا الميداني أنه نظرا للطلب الملح و الاحتجاجات السكانية على انقطاع المياه لأيام متواصلة في أوقات الذروة خلال نفس السنة أي سنة 2019 تم خلط مياه بئرين في احدى المعتمديات أحدهما مراقب و صالح للشراب و الآخر يصنف كمياه فحسب, لتكون النتيجة مياه غير مطابقة للمواصفات و غير صالحة للشرب وقد تم التنبيه عند اكتشاف الخطأ ليقع اثرها ايقاف العملية وهنا تطرح التساؤلات مرة أخرى حول كيفية التجاوب مع الطلبات الملحة في علاقة بالعوامل الاجتماعية و السياسية في سياق الاحتجاجات و الطلبات في مقابل التهديدات الصحية وانعكاساتها  ؟

معايير غير محينة وبعضها يثير تساؤلات

مياه غير مأمونة ,واخرى مخالفة للمواصفات التونسية ,و غيرها غير صالحة للشرب تؤكدها تقارير رقابية تونسية رسمية مع تحذيرات دولية من تراجع جودتها جعلنا نبحث أعمق من خلال تحقيقنا في المعايير المعتمدة في تونس لقياس جودة مياه الشرب و مقارنتها بمعايير الدول القريبة و الاخرى الأممية. و لاحظنا اختلافات بسيطة في الفارق بين المعايير المعتمدة في بعض العناصر و المركبات الخاصة بمياه الشرب مقابل فرق شاسع حد بلوغها الضعف فيما يخص عناصر أخرى .

الدكتورة في علوم المياه و الأرض راضية السمين قالت إنه لا يوجد شرح لكيفية وضع هذه المواصفات و المراجع القائمة عليها لتحديدها مما يصعَب من عملية التقييم .كما لاحظت أنه  لا وجود لفرق كبير بين المواصفات التونسية والدولية رغم وجود توصيات في التقارير الاممية بالاخذ بعين الاعتبار الظروف المحلية الخاصة بكل بلد في عديد المجالات ومنها الجيولوجية والمناخية لتنعكس بدورها على تحديد المواصفة, لكن لم تتم مراعاة خصوصية المعطيات التونسية. في المقابل هناك مواصفات تتعلق بعناصر ومركبات خطرة على الصحة تتضاعف معاييرها مقارنة بالمواصفات الدولية مثل الكادميوم و الرصاص الذي يحدد ب10 مغ / ل في المواصفات الدولية بينما التونسية تحددها ب 25 مغ/ ل  مما يثير العديد من التساؤلات مرة اخرى عن كيفية تحديد المواصفات التونسية.

كا أكدت الباحثة راضية السمين أنه لابد من التحيين لهذه المواصفات ,حيث تم اخر تحيين لها  سنة 2013 ,و منذ ذلك التاريخ طرأ وجود مواد اخرى و ملوثات و انشطة جديدة بفعل التحولات البيئية عموما .كما وجب تحيين الحسابات و المعايير التي تم اعتمادها كمرجع لتحديد المواصفات.

|

عوامل اخرى تؤثر في جودة المياه

تقادم شبكات التزويد وسوء حالتها و عدم تجديدها خاصة في المناطق الريفية تخلف خسائر مالية تفوق ال40% .و يقول تقرير المقرر الاممي ان مشاكل النقص في المياه والأعطال تؤدي في بعض الحالات إلى انقطاعات متكررة ومطولة تفرض قطع إمدادات المياه، فتحدث نتيجة لذلك تسربات ملونة تؤثر على صلاحية الماء  الصالح للشرب عند عودة الخدمات إلى طبيعتها.كما أن الانقطاع المستمر لمياه الشرب بالعديد من المناطق جعل المواطن يضطر لاستهلاك مياه المواجل و الفساقي التي بدورها تشكل خطرا على سلامتهم. و من جهة أخرى يستهلك آخرون مياه شـرب غير مراقبة و مجهولة المصدر حيث انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة بيع المياه عبر صهاريج متنقلة عن طريق باعة متجولين بأسعار زهيدة كحلول أمام غلاء كلفة المياه المعلبة التي تعد باهظة الثمن في المسالك الرسمية و المراقبة.  لكن الخطر يبقى قائما أمام عدم تنظيم القطاع لتسهيل مراقبته ,حيث هناك وحدات تحلية مرخصة من الهياكل الرسمية وتنشط بشكل قانوني لكن غيرها الكثير انتشر دون التمكن من مراقبته. وحسب الباحث حمزة الفيل فإن تنظيم القطاع شرط أساسي وملح للتمكن من مراقبته عبر الهياكل المكلفة بذلك.

مخاطر تلوث المياه تهدد الصحة

التلوث الجرثومي للمياه هو عامل أساسي لتفشي الأمراض المرتبطة بالمياه .و يعتبر التلوث الجرثومي أشد أنواع التلوث خطرا على الإنسان حيث يسبب أمراضا بعضها شديد الوطأة .

المياه المستعملة والفضلات المنزلية والحيوانية تسبب التلوث وينتج عنها أمراض قد لا تكتسي خطورة أحيانا لكنها تمثل ثاني أهم أسباب الوفاة لدى الأطفال. و يقول الدكتور رضا حمزة وهو طبيب صحة عمومية سابقا متخصص في السلامة الصحية للاغذية والصحة البيئية أن الإسهال والحمى وفقدان الشهية والصداع هي أهم الأعراض في مثل هذه الحالات .والاسهال قد يكون وقتيا أو متواصلا على فترات طويلة مما يسبب مضاعفات. ويضيف ان اصابة الاطفال بالاسهال سجل  8 %سنة 2018 . كما يعدد الأمراض الناتجة عن تلوث المياه ليذكر منها:

 مرض الزحار و قد مثل جائحة في آخر السنة المنقضية و بداية السنة الحالية و الحمى التيفية وابرز اعراضها حمى , صداع, طفح جلدي, اضطرابات عصبية طفيفة ,نزيف في الجهاز الهضمي و غيرها الكثير. وتعتبر مضاعفاتها خطيرة تصل الى الوفاة كنزيف في الجهاز الهضمي وانثقاب معوي واضطرابات عصبية عميقة و اصابة القلب و الشرايين.

قد شهدت ولايات الجنوب خاصة بؤرا لهذا المرض  و منها تطاوين مكان تحقيقنا حيث سجلت 478 حالة خلال سنة 2020 .مع العلم ان عديد الأشخاص يشعرون بالأعراض و يتناولون الدواء دون اجراء تحاليل او الرجوع للطبيب باعتبار وضوح الأعراض و معرفتهم بطبيعة المرض نظرا لتفشيه بشكل كبير حينها. و عرج الدكتور رضا حمزة على التهاب الكبد الفيروسي صنف أ حيث تتواصل لايام الحمى و الصداع يرافقهما غثيان وغيرها من الأعراض ولايمكن لهذا المرض أن يكون مزمنا وقد بلغت نسبة الحاملين للأجسام المضادة لالتهاب الكبد الفيروسي « صنف أ » في تونس 79 % أي 4/5 من التونسيين حسب المسح الوطني لعام 2015 . كما ذكر الدكتور في سياق حديثه امراضا اخرى كالكوليرا و الشلل الفموي ومن أهم اعراضه الحمى و الإسهال  ويمكن ان يؤثر في الجهاز التنفسي الى حد توقفه في حالات معينة و يتسبب ايضا اصابة الحبل الشوكي وامكانية الاصابة بالشلل في الأطراف السفلية .و اكد أن هذا المرض في طريقه الى الاندثار على مستوى دولي  بفضل اللقاحات.

بينت دراسات و تصريحات حول شح المياه في تونس و انقطاعها المتواصل على السكان ونقص معايير جودة المياه والمخاطر الصحية التي تخلفها بسبب ضعف المراقبة و الإهمال و سوء المعالجة ,مع دخول معطى جديد ضمن وزارة الصحة وهو إلحاق أعوان من فنيي حفظ الصحة وهم الأعوان المكلفون بالرقابة الميدانية لجودة المياه الى الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (قرار شمل حوالي 90 ٪من فنيي ولاية تطاوين من حيث انطلق تحقيقنا ) ليبقى المواطن في تونس حبيس مخاوف من شبح ندرة المياه وجفاف الحنفيات لأيام و أشهر و مخالفتها لمعايير الجودة وعدم صلاحيتها للشرب بشكل آمن .

بقية الأخبار

برامج إذاعة المنستير

برامج إذاعة المنستير

برامج اليوم

برامج اليوم

بشائر الصباح

بشائر الصباح

Facebook

Facebook

Instagram

Instagram

Youtube

Youtube

Twitter

Twitter

شهادات حية

شهادات حية

الميثاق التحريري

الميثاق التحريري

مدونة السلوك

مدونة السلوك