الطبوبي": المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة من أحد ويجب أن تُفتَح في أقرب الآجال"

أكّد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، اليوم الخميس، استعداد المنظمة الشغيلة، لخوضِ شتّى النضالات من أجل مفاوضات عادلة ومجزية ومنصفة، مشدّدا على أن المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة من أحد ويجب أن تُفتَح في أقرب الآجال حفاظا على الاستقرار الاجتماعي وصونا لحقوق العمّال.
وأضاف الطبوبي، في كلمة ألقاها اليوم من مقر الاتحاد بالعاصمة، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشغل، أن وضع الأجراء لم يعد يحتمل المماطلة والتأخير ولابدّ من الشروع في التفاوض في القطاعات الثلاث من أجل مراجعة التشريعات الشغلية بصفة تشاركية واحترام الحقّ النقابي وحقّ التفاوض الجماعي وإطلاق سراح النقابيين المعتقلين وإرجاع المطرودين وإلغاء كل العقوبات التعسفية.
واعتبر قرار تعيين جلسة عمل يوم 7 ماي لفتح المفاوضات الإجتماعية في القطاع الخاص ويوم 30 ماي في قطاع التأمين، بادرة إيجابية، مشدّدا على ضرورة الاتفاق من أجل الزيادة في الأجور والتعويض عن تدهور المقدرة الشرائية ومراجعة الأداء على الدخل للأجراء وتطبيق الاتفاقيات المبرمة ومنها اتفاقية 6 فيفري 2021.
كما أكد ضرورة إقرار عتبة لجرايات المتقاعدين على أن لا تقلّ عن الأجر الأدنى المضمون والعودة إلى الفصل 37 من القانون عدد 12 لسنة 1985 المتعلّق بالمراجعة الآلية للجرايات وتحسين الخدمات الاجتماعية والصحية.
وقدّر أن السياسات العمومية فشلت في تحسين ظروف عيش التونسيين، وأن نزيف تدهور المقدرة الشرائية للأجراء ولعموم الشعب، يزداد يوما بعد يوم، في ظلّ التهاب الأسعار وتزايد الاحتكار وتفاقم أزمة بعض المواد الأساسية "خاصّة بعد الرفع المقنّع للدّعم"، وهو ما تعكسه، حسب الطبّوبي، المؤشرات والأرقام حيث تجاوزت نسبة التضخم حاجز 8% سنويا خلال الفترة 2022- 2024، واستقرت نسبة البطالة في حدود 16%، أي مايعادل حوالي 700,000 عاطل عن العمل، فيما لم يتجاوز معدل نمو الاقتصاد خلال نفس الفترة 1.4% سنويا.
"وبالتوازي مع ذلك، تطور حجم الدين العمومي، من 104 مليار دينار في أوائل 2022 إلى 135 مليار دينار في سنة 2024 ومن المنتظر أن يصل إلى مستوى 147 مليار دينار في سنة 2025 أو ما يعادل 80.5% من الناتج الداخلي الخام"، حسب الأمين العام الذي لفت إلى أن معاناة الأجراء وعموم الشعب تزداد مع تدهور الخدمات الاجتماعية وتردّي وضع المرافق العمومية من تعليم وصحّة ونقل وضمان اجتماعي وغيرها.
وقال " كان أملُنا أن تنكبّ كلّ الجهود على معالجة المسائل الاقتصادية والاجتماعية، لنجد الحلول والإجابات لقضايا الفقر والتهميش والإقصاء والتفاوت الاجتماعي والجهوي في تونس، غير أنّ أملنا تبخّر أو كاد بتفويت الفرصة على مجابهة الأوضاعِ المتردّية، في ظلّ استمرار سياسة التفرّد بالرأي والقرار التي لن تزيد الوضع إلا سوءا وانسدادًا وفشلا وانهيارا واندفاعًا نحو المجهولِ".
وأردف قائلا إن " الاتحاد كان نبّه لذلك مرارا وتكرارا فأطلق النداء وراء النداء والمبادرة تلو المبادرة دون مجيب حتّى عدّ البعض ذلك ضعفا واستجداء والحال أنّه نداء صادق لإنقاذ البلاد حاولنا فيه التدرّج وتقديم التعامل الإيجابي على التصادم والتدافع لا يحدونا في ذلك غير منع الكارثة"، مضيفا القول "نحن لسنا طلاّب سلطة وحكم ولا نظنّ أنّنا في ذلك أقلّ وطنيّة من غيرنا أو أكثر بقدر ما نحن حريصون على أن يكون الاتحاد دوما قوّة بناء واقتراح ولا يبقى مكتوف الأيدي إذا تعلّق الأمر بمصير بلادنا".
وبين على صعيد آخر أنه لا يمكن تحقيق العدالة في ظلّ التضييق والقمع، "فالحرية ليست مجرّد وسيلة لتحقيق العدالة بل هي جوهرها، وأنه وبقدر الحاجة إلى الحرّية فإنه لا يمكن إنكار ارتباطها الوثيق بالعدالة وبالسيادة الوطنية"، وقال في هذا السياق " إن الاتحاد قد كافح من أجل الاستقلال بنفس الحماس والتضحية التي ناضل بها من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمّال، ولذلك يطرح علينا، نحن النقابيين، مرّة أخرى أن نلعب دورنا المزدوج: الوطني والاجتماعي مثلما أدّيناه في كلّ المحطّات باقتدار وريادية وتماسك ووضوح رؤية".
واعتبر الطبوبي أن الاتحاد قد تعلّم عبر مسيرته الطويلة أن يتجاوز المحن، أيّا كانت، داخلية أو خارجية، بفضل حسن إدارته للأزمات وشعور أبنائه بالمسؤولية وتفكيرهم الاستراتيجي وحرصهم على حماية منظّمتهم، مضيفا قوله "نحن لسنا إلاّ مكلّفين، سنؤدّي المسؤولية بما أوتينا من قناعات ونسلّمها بما تقتضيه الأمانة من تداول وشفافية وديمقراطية".
ولدى تطرّقه إلى معاناة الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة غير المسبوقة على يد العدو الصهيوني بمشاركة أمريكية وأوربية وعربية رسمية فاضحة، جدّد الأمين العام المطالبة بسنّ قانون تونسي يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني العنصري داعيا كلَّ قوى الحرّيةِ والتقدّمِ في الوطن العربي وفي العالم وفي مقدّمتِها الحركةُ النقابية إلى تكثيفِ دعمِها لكفاحِ الفلسطينيين المشروعِ والضغطِ على دولِها من أجل وقفِ العدوان الصهيوني وإطلاقِ سراحِ آلافِ الأسرى الفلسطينيين وإنهاءِ الاحتلالِ