اقتراح إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي

اشرف السيد سمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية صباح اليوم الاثنين 16 جوان 2025 على اشغال ورشة علمية بعنوان "في مواجهة التغيرات المناخية: تحديات واستراتيجية إزالة الكربون" بمشاركة السيد سليم جوادي ممثل مكتب مؤسسة كونراد اديناور بتونس والسيدة لطيفة العتروس رئيسة الجمعية الكيميائية التونسية بحضور عدد من أعضاء المكتب التنفيذي الوطني ومن المسؤولين بالمنظمة بالإضافة الى عدد من الخبراء ومن أصحاب المؤسسات المهتمين والناشطين في مجال إزالة الكربون.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد رئيس الاتحاد أنّ هذه الورشة تمثل محطة مهمّة للتفكير الجماعي في أحد أكبر التحديات التي يواجهها العالم اليوم، وهو التغير المناخي وما يتطلبه من استراتيجيات واضحة وفعالة لإزالة الكربون.
وأعرب السيد سمير ماجول عن اعتزازه بالشراكة الفاعلة مع مؤسسة كونراد أديناور والجمعية الكيميائية التونسية، معتبرًا أن مواجهة التغير المناخي تستوجب تعبئة جماعية واعية، قائمة على الابتكار والانسجام بين مختلف الأطراف.
كما أوضح أن الحضور المكثف في هذا اللقاء يعكس تنامي الوعي الجماعي بضرورة الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون، في ظل تحوّلات بيئية غير مسبوقة، لم تعد أزمة المناخ فيها مسألة نظرية أو مؤجلة، بل واقع ملموس له انعكاسات مباشرة على الموارد، والبنية التحتية، والاقتصاد، ومستقبل الأجيال القادمة.
وشدّد السيد سمير ماجول على أن إزالة الكربون لم تعد خيارًا، بل تحوّلت إلى ضرورة حتمية تمليها الالتزامات الدولية لتونس، ولا سيما في إطار اتفاق باريس والمساهمة المحددة وطنياً (CDN)، التي تهدف إلى تقليص الكثافة الكربونية بنسبة 45% في أفق سنة 2030، مشيرا إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلّب تعبئة تمويلات تُقدّر بنحو 19.4 مليار دولار خلال الفترة 2021-2030.
واعتبر رئيس الاتحاد أن هذا التحدي المناخي يمثّل في الآن ذاته فرصة تاريخية لتحديث المنظومة الإنتاجية، وتعزيز التنافسية، وفتح آفاق جديدة للأسواق، بما يتيح للقطاع الخاص التونسي لعب دور فاعل في اقتصاد المستقبل، من خلال منظومة طاقية نظيفة، قائمة على الطاقات المتجدّدة مبينا أن المؤسسات التونسية، وخاصة الصغرى والمتوسطة، تواجه ثلاثة تحديات رئيسية في مسار إزالة الكربون:
• التمويل: حيث أن توفير 14.4 مليار دولار يمثل عبئًا كبيرًا على النسيج الاقتصادي الوطني.
• التحدي التكنولوجي: نتيجة كلفة الاستثمار الأولي العالية، وصعوبة النفاذ إلى حلول تمويل مكيّفة.
• التحدي التشريعي والتنافسي: في ظل استعداد الاتحاد الأوروبي لتطبيق "آلية تعديل الكربون على الحدود" بداية من سنة 2026، مع بلوغ سعر الطن الواحد من الكربون حاليًا حوالي 80 يورو، مما يجعل إزالة الكربون ضرورة للبقاء في الأسواق العالمية.
ودعا رئيس الاتحاد إلى مقاربة شاملة تعزز الشراكة بين القطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والعلمية، مشددًا على أهمية الاستثمار في التكنولوجيات النظيفة، وتأهيل الموارد البشرية، وتبادل التجارب، وتطوير آليات الدعم والتأطير مؤكدا أنّ هذه الورشة تمثل مناسبة لتعزيز الحوار بين الصناعيين والباحثين والطلبة والمنظمين والشركاء الفنيين، بما يساعد على صياغة حلول عملية تتماشى مع السياق التونسي.
وفي هذا الإطار، قدّم السيد سمير ماجول مجموعة من المقترحات العملية التي يرى فيها الاتحاد أدوات لتفعيل الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون، وهي:
- إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي في إطار شراكة بين الاتحاد والحكومة، لتجميع المعطيات وأفضل الممارسات ومؤشرات الأداء.
- إطلاق برنامج وطني للتحسيس والتكوين لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، لضمان شمولية الانتقال الطاقي.
- تطوير منصة وطنية للتمويل الأخضر خاصة بالمؤسسات التونسية، لتيسير النفاذ إلى الموارد المالية اللازمة.
- إحداث مركز وطني للخبرة في المحاسبة الكربونية لتكوين كفاءات محلية وتقليص الاعتماد على الخبرات الأجنبية.
وختم رئيس الاتحاد مداخلته بالتأكيد على أنّ إنجاح هذا الانتقال البيئي يتطلب التعاون بين كل الأطراف، والابتكار، وملاءمة الأطر التشريعية، والتكوين، ومرافقة المؤسسات في مختلف مراحل التحول.
وبيّنت السيدة لطيفة العتروس أن الهدف من هذه الورشة العلمية هو بناء وتوحيد مجال الأبحاث العلمية مع المجال الصناعي اذ لطالما كانت المؤسسة الصناعية في حاجة الى الأساسيات العلمية للتجديد والتغيير مثلما يحتاج الباحث الى الحالات الملموسة والشراكات لتجسيد أعماله وهو ما يندرج في صلب الاتفاقية المبرمة مع الجمعية الكيميائية التونسية ووحدة تدعيم التكوين والتشغيل.
وأضافت أن الوضعية اليوم تحتم علينا التحرك معا بالتنسيق بين القطاعات ومع الأكاديميين والصناعيين والمؤسسات كل من موقعه من أجل وضع حلول ترقى الى مستوى التحديات المرفوعة كما ان الورشة تندرج في اطار ديناميكية وطنية وعالمية جعلت من استراتيجية تخفيض الكربون ضرورة لا خيارا.
من جهته، قال السيد سليم جوادي إنه من واجبنا اليوم الحرص على الحفاظ على كوكبنا من التغيرات المناخية التي أصبحت انعكاساتها على حياتنا واضحة مثل الاحتباس الحراري والعواصف العنيفة ونقص المياه، وهو ما يدعو كل الأطراف، دولا ومجتمعات، الى توحيد جهودها ومجابهة التحديات مشيرا في الآن ذاته الى ضرورة الحد من انبعاثات الغاز وذلك من خلال التشجيع على الاستثمار في الطاقات المتجددة والنظيفة وجعلها في متناول كل البلدان التي تسعى الى ارساء اقتصادات خالية من الكربون ومساعدتها على اغتنام فرصة التنسيق بين الأطراف المتدخلة (خبراء وباحثين ومؤسسات ...) والتشبيك في ما بينها طالما مازالت هناك القدرة على رفع هذه التحديات.
وتضمن برنامج الورشة ندوتين علميتين الأولى قدمها الأستاذ المنجي بوعائشة مدير عام مركز البحوث وتكنولوجيات الطاقة بعنوان الطاقات المتجددة وإزالة الكربون في مواجهة الاحتباس الحراري فيما خصصت الثانية، وقدمها السيد سامي مروكي الخبير في الطاقة والمناخ، لتدارس استراتيجيات وتكنولوجيات إزالة الكربون في القطاعات الرئيسية.
شارك: