مجلس النواب: يوم دراسي حول مقترحي القانونين المتعلقين بتنقيح الفصول عدد 96 و 97 و 98 من المجلة الجزائية.

مجلس النواب: يوم دراسي حول مقترحي القانونين المتعلقين بتنقيح الفصول عدد 96 و 97 و 98 من المجلة الجزائية.
نظّمت الاكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب اليوم الجمعة 11-07-2025 يوما دراسيا حول مقترحي القانونين عدد 15 و28/2023 المتعلقين بتنقيح الفصول عدد 96 و 97 و 98 من المجلة الجزائية، أشرف عليه إبراهيم بودربالة رئيس المجلس بحضور ياسر قوراري، رئيس لجنة التشريع العام وعدد هام من النواب ومن القضاة وأساتذة القانون ومن أعضاء الهيئة الوطنية للمحامين والجمعية التونسية للمحامين الشبان.
وبيّن السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب في مفتتح الاشغال الأهمية التي يكتسيها النشاط الفكري للمجلس في رحاب الاكاديمية البرلمانية. وأضاف أنّ هذا الفضاء يجمع بين النواب الذين لهم صلاحية التشريع والكفاءات الوطنية في مختلف المجالات من إطارات عليا في مختلف الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، وكذلك القضاة الذين تتم استضافتهم للاستنارة بتجربتهم، والمحامون باعتبارهم يمثلون أحد جناحي العدالة ولهم دور هام في ضمان التوازن بين اكراهات الدولة وطموحات المجتمع.
ونوّه رئيس مجلس نواب الشعب من جهة أخرى بما تزخر به الأكاديمية البرلمانية للمجلس من كفاءات واطارات لها خبرة جيدة وممتازة تستفيد منها المؤسسة البرلمانية وتساهم في إنجاح عملها، معربا عن شكره وتقديره لكل موظفي المجلس الذين يساهمون كل من موقعه في خدمة المؤسسة والمصلحة العليا للوطن التي تبقى مسؤولية كل تونسي.
ثم تناول الكلمة السيد ياسر قوراري رئيس لجنة التشريع العام الذي انطلق في مداخلته من أحداث قضية ذات علاقة بتطبيق أحكام الفصل 96 من أحكام المجلة الجزائية، وتتمثل في تورّط مدير مؤسسة تربوية وقائد كشافة في بحث تحقيقي جراء العمل في اطار هذه المؤسسة على تجميع المساعدات أثناء فترة مقاومة كوفيد19، وتسخير خزّان ماء لعمليات المداواة والتعقيم، ليصبحا اليوم محل تتبع بتهمة مخالفة التراتيب واستغلال النفوذ والاضرار بالإدارة وتحقيق المنفعة. وأكّد أنّ هذه العيّنة من التهم تخلق حالة من الخوف لدى جزء كبير من الموظفين، مشيرا في المقابل إلى فئة أخرى تستغل هذا المعطى من أجل تعطيل المرفق العام بعنوان الخوف من الفصل 96 ، وهو ما خلق عدة إشكاليات تتعلّق بتعطل المرفق الاداري. وأشار إلى تعارض ذلك مع حرص رئيس الجمهورية على الثورة الإدارية استنادا الى جملة الإشكاليات التي تعاني منها الإدارة، وتأكيده ضرورة تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية.
وأكّد وعي النواب بعمق هذه الإشكاليات من خلال مبادرتين تشريعيتين تتمثّلان في المقترح عدد 15 و28 لسنة 2023 وتمت احالتهما الى لجنة التشريع العام التي وسّعت الاستشارة في شأنهما وعملت في إطار تشاركي. وأشار في هذا الصدد الى جلسات الاستماع التي شملت النواب ممثلي جهتي المبادرة، ونقابة القضاة التونسيين، والهيئة الوطنية للمحامين، وممثلي رئاسة الحكومة ومحكمة المحاسبات. كما أبرز أهمية العمل الجاد الذي قامت به اللجنة وأفضى الى صيغة موحّدة أولى للمقترحين تم التعمّق والتحاور بشأنها، والتوصّل الى صيغة موحدة ثانية بعد سلسلة الجلسات التي حضرها ممثلو جهتي المبادرة وأعضاء اللجنة والنواب من غير اللجنة. وأشار إلى عرضها على أهل الاختصاص والخبراء والاكاديميين والمختصين في القانون الجزائي والاستماع إليهم بما مكّن من تجويدها وتحسين مضامينها والوصول الى صيغة توافقية تم التصويت عليهما بأغلبية الحاضرين، وإعداد التقرير النهائي بشأنها .
وقدّمت السيدة آمال اللومي البواب، القاضية والكاتبة العامة لمحكمة المحاسبات مداخلة حول رأي المحكمة بخصوص مقترحي القانونين. وثمّنت التفاعل الإيجابي للجنة التشريع العام مع مقترحاتها، معتبرة انه يعكس انفتاحا من جهة المبادرة على الحوار والتشاور من أجل الخروج بصيغة توافقية. كما يترجم الحرص المشترك على النقاش الهادف والمسؤول. وبيّنت أن مقترحات تعديل بعض فصول المجلة الجزائية تندرج في إطار السعي إلى ترسيخ دولة القانون، وتعزيز مبادئ المحاسبة العادلة، دون المساس بروح المبادرة داخل الإدارة العمومية.
وأكّدت تثمين محكمة المحاسبات لرغبة المؤسسة التشريعية في تطوير المنظومة القانونية لحوكمة التصرف في المال العام بما يوازن بين ردع المخالفات والفساد من جهة، ويضمن حماية المتصرف العمومي وحسن النية من جهة أخرى.
وتطرّقت خلال مداخلتها إلى ما جاء في رأي المحكمة بخصوص "الفعل المادي للجريمة" وركنها ومسألة ربط اثارة التتبع بفضاء محكمة المحاسبات. حيث أبدت تحفّظ المحكمة على استبدال مصطلح "التراتيب" بـ "التشريع الجاري به العمل"، معتبرة أن ذلك يمكن أن يؤدّي الى تضييق غير مبرر لمجال التجريم.
وبخصوص مسألة "الركن المعنوي للجريمة" ثمّنت التنصيص على شرط توفر القصد الإجرامي، وسوء النية، باعتباره عنصرا أساسيا للتمييز بين الخطأ المهني والعمل الإجرامي، معتبرة أن ذلك من شأنه أن يساعد في تحفيز المتصرف العمومي على الاجتهاد والمبادرة، ويمكّنه من تفادي تتبعات قد تلاحقه نتيجة قيامه بأعمال تصرف عن حسن نية غايتها تسيير المرفق العام.
و اعتبرت في سياق اخر أنّ استعمال مفاهيم مثل "الاجتهاد" و"التقدير " في نصوص المبادرة دون ضبط دقيق، قد يفتح المجال لتأويلات واسعة ويُضعف من جدوى النص. وأكّدت أن محكمة المحاسبات تعتبر أن الاستثناءات المذكورة في المقترح الأول قد تفتح الباب لعديد التأويلات لتحديد ما يندرج ضمن الخطأ في الاجتهاد والتقدير الكفيل بالإعفاء من المسؤولية ، لانتفاء سوء النية. وتقترح في هذا السياق الاستغناء عنها والاكتفاء "بالخطأ في التأويل."
كما اقترحت بخصوص التنصيص على تلقي الموظف إذنا من رئيسه دون اشتراط الصبغة الكتابية خلافا للتعليمات التي يجب أن تكون كتابية، التنصيص على "تلقي تعليمات أو أذون كتابية" حتى لا تصبح الأذون الشفاهية مجرد ذريعة للإفلات من المحاسبة.
ودعت الى أهمية تعميق النظر في مقترحي القانونين عدد 15 و28 ضمن مقاربة تشاركية، تمكّن من وضع إطار قانوني متكامل وعادل، يُحافظ على المال العام من جهة، ويُحفّز المتصرّف العمومي النزيه والمجتهد من جهة أخرى. كما يضمن تحقيق التوازن المنشود بين الفعالية في مقاومة سوء التصرّف في المال العام والفساد، وحماية المتصرف العمومي النزيه دون أن يُربك منظومة الاختصاص القضائي أو يطيل أمد البت في القضايا. وأكدت أنّ تطبيق المقتضيات الواردة في هذا النص المقترح لا يمكن أن يتم بفعالية دون تهيئة أرضية مؤسساتية وتشريعية متكاملة، تراعي المصلحة العامة وحقوق المتقاضي، من حيث ضمان المحاكمة العادلة والآجال المعقولة للتقاضي من جهة أولى. كما تراعي من جهة ثانية، ضرورة سنّ إجراءات واضحة ومحددة للتنسيق بين مختلف الهيئات القضائية كمحكمة المحاسبات والقضاء العدلي، في إطار احترام استقلالية كل جهة واختصاصها.
شارك:

إشترك الأن

في سكون اللّيل
إذاعة المنستير

إذاعة المنستير

ON AIR
في سكون اللّيل