لجنة الاستثمار والتعاون الدولي تعقد جلسة استماع حول مشروع ميزانية مهمة الشؤون الثقافية لسنة 2026.

عقدت لجنة الاستثمار والتعاون الدولي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم الجمعة 7 نوفمبر 2025، جلسة مشتركة مع لجنة السياحة والثقافة والخدمات، برئاسة السيدين بلال السعيدي وباديس بلحاج علي، رئيسا اللجنتين، استمعت خلالها إلى وزيرة الشؤون الثقافية حول مشروع ميزانية مهمة الشؤون الثقافية لسنة 2026.
وفي مستهلّ الجلسة أوضحت وزيرة الشؤون الثقافية أن الوزارة شرعت تزامنا مع إعداد مخطط التنمية 2026-2030 في بلورة منوال ثقافي تنموي جديد ينبني على رؤية متكاملة تكون فيها الثقافة أحد ركائز الاقتصاد الوطني ومكوّنا جوهريا للتماسك المجتمعي توظف الإبداع والتراث كرافعة للتنمية وتعزز الانتماء الوطني. واضافت ان ذلك يتم بالعمل على دمج الاقتصاد الثقافي والابداعي ضمن الدورة الإنتاجية الوطنية إلى حوالي 3% من الناتج الداخلي الخام في أفق 2030، من خلال تيسير النفاذ إلى التمويل عبر تفعيل التدخّلات الجديدة لصندوق التشجيع على الاستثمار الأدبي والفني". والترفيع في سقف الضمان المسند من صندوق القروض للصناعات الثقافية والابداعية من 90 ألف دينار إلى 300 ألف دينار. إضافة الى تبسيط الإجراءات الإدارية ومراجعة كرّاسات الشروط القائمة وتطويرها. كما أكدت في ذات السياق أن الوزارة تعمل على احداث مسالك ثقافية سياحية جديدة وذكية باعتماد التقنيات الحديثة بهدف استقطاب المزيد من الزوار.
من جهة أخرى، أوضحت أن الوزارة تولي أهمية خاصة لتعزيز حماية التراث والمحافظة عليه عبر التصرف الأنجع في الموروث الفني وهي تعمل على مراجعة مجلة التراث واستكمال تنفيذ مشروع التأمين الذاتي للمعالم والمواقع والمتاحف وتعزيز منظومة السلامة الوقائية، وتنفيذ برنامج الرقمنة الشاملة باستخدام تقنيات المسح ثلاثي الابعاد والذكاء الاصطناعي، ورقمنة الأرصدة الوطنية الفنية وتوفير ظروف الحفظ المطابقة للمواصفات.
أما فيما يتعلق بمحور الحوكمة، فبيّنت أن الوزارة تعمل على تنفيذ إصلاح مؤسساتي شامل عبر إعادة هيكلة قطاع التراث وإعادة هيكلة مدينة الثقافة والانطلاق في تنفيذ مشروع الإطار الاحصائي الثقافي وعبر تطوير منصّة رقمية تعنى بمختلف عمليات الدعم العمومي الموجه للقطاع وتحديث منظومات العمل داخل المكتبات عبر إطلاق مشروع حوسبة المكتبات العمومية.
وأشارت إلى أنه لتجسيد هذه الرؤية تمّ رصد ميزانية لمهمة الشؤون الثقافية لسنة 2026 تُقدّر بـــ 460.969 م.د مقابل 425.490 م.د سنة 2025، أي بنسبة تطوّر قدرها 8%.
وخلال النقاش، ثمّن السيدات والسادة النواب المجهودات التي تقوم بها وزارة الشؤون الثقافية رغم محدودية الإمكانيات، ودعوا إلى مزيد تعزيز الممارسة الثقافية وتمكينها من أداء دور محوري في الإدماج الاجتماعي والاقتصادي. كما أكدوا ضرورة تنويع الاستثمارات في المنتجات الثقافية الوطنية وخاصة تثمين التراث المادي واللامادي الذي تزخر به جميع المناطق وتوظيفه في الدورة الاقتصادية باعتباره عماد العمل الثقافي.
ودعوا إلى تثمين المواقع الأثرية وادراجها في المسالك السياحية وإعطاء العناية اللازمة لقطاع التراث ودعم مختلف الآليات لحمايته وتثمينه ووضع استراتيجية لإعادة تهيئة المتاحف، والتفكير في إحداث متحف في تونس العاصمة و في عدد من المناطق الدّاخلية التي تزخر بموروث أثري مهم.
كما تم اقتراح إعادة إحياء "الخط البحري القرطاجي" ليكون مسارا سياحيا وثقافيا يربط بين الموانئ التاريخية لتونس.
وفي سياق آخر، تعرض عدد من النواب إلى وضعية عدد من المكتبات العمومية بالجهات والأحياء الشعبية، ودعوا الى ضرورة العناية بها وتطويرها. كما تطرق عديد المتدخلين الى غياب دور الثقافة في بعض الجهات وإلى الصعوبات المادية ونقص الإمكانيات بها. وأكّد النواب ضرورة وضع تصوّر جديد للتنشيط الثقافي الموجه للشباب بالجهات.
وتطرّق المتدخلون إلى قطاع السينما، مؤكّدين ضرورة مراجعة القوانين المتعلّقة به، خاصّة في ظل غياب قاعات السينما في عدّة جهات متسائلين عن استراتيجية الوزارة في النهوض بهذا القطاع. وطالبوا بتطوير أنشطة نوادي الاختصاص بالمؤسسات الثقافية. كما تقدم عدد من النواب بمقترح إدراج تعديل بقانون المالية يتضمّن التنصيص على "احداث صندوق التشجيع على الاستثمار في القطاع السينمائي والسمعي البصري".
وفي سياق آخر تساءل عدد من النواب عن الأعوان المعنيين بتسوية الوضعيات أو الانتداب في إطار قانون عقود الشغل منع المناولة، وخاصة متعاقدي مراكز الفنون الدرامية والركحية والعاملين بنظام الحصة وأساتذة الموسيقى.
من جهة أخرى تطرّق عدد من المتدخلين إلى المهرجانات الصيفية وتساءلوا عن المعايير المعتمدة لتوزيعها بالجهات في ضوء تعدد آليات التمويل دون انسجام بينها وخاصة تداخل عديد الجمعيات في تنظيمها، داعين الى مزيد دعم الإنتاج الفني الإبداعي وتطوير البنية التحتية الثقافية بالجهات الداخلية.
وفي تفاعلهم مع ما تقدّم تطرّق إطارات وزارة الشؤون الثقافية إلى مسألة التشغيل الهش، مؤكّدين أنه تمت تسوية وضعيات أعوان المناولة سواء على مستوى الوزارة أو المؤسّسات التابعة لها، مع العمل بالتنسيق مع كافة الهياكل المعنية على تسوية كافة الوضعيات بصفة نهائية وواضحة في كنف احترام القانون.
وبخصوص قطاع التراث، أوضح المتدخّلون أن الوزارة تعمل على تهيئة عدد من المتاحف على غرار المتحف الوطني بقرطاج، كما انطلقت في مشروع بعث المركز العالمي لفنون الخط. وأكدوا أن العوائق أمام استكمال هذا المشروع هي مالية بالأساس. مشددين في ذات السياق على ضرورة مراجعة المنظومة التشريعية المنظّمة للتراث نظرا لتشتتها بين ما يعود بالنظر إلى وكالة احياء التراث والتنمية الثقافية من جهة والمعهد الوطني للتراث من جهة أخرى. وأكّدوا أنه يتمّ حاليا استكمال العمل على مراجعة مجلة حماية التراث بعد تشريك كافة الأطراف المعنية في الغرض.
وبخصوص التأمين والسلامة أوضحوا أن الوزارة قامت برصد اعتمادات بهدف تهيئة المتاحف والمواقع الأثرية وإنجاز المشاريع. وأوضحوا أنه نظرا للتحدّيات المالية اتجهت الوزارة إلى تأجيل الإحداثات الجديدة والتركيز في المقابل على التهيئة والصيانة.
وفي سياق آخر استعرضوا مشاريع البنية التحتية فيما يخص المكتبات ودور الثقافة بالجهات، وأكّدوا أن الوزارة تعمل فعلا على تهيئة العديد من المكتبات بالجهات، كما تعمل بالشراكة مع وزارة التربية على تدعيم قطاع المطالعة لدى الأطفال.
شارك:




16° - 22°






